الفوائد المتراكمة على الإيداع الربوي

01:06 صباحا
قراءة 3 دقائق
هناك من يتعامل مع البنوك الإسلامية منذ البداية، فلا يبيع ولا يشتري، ولا يقترض ولا يقرض إلا من خلال المصارف الإسلامية التي يتذمر منها بعض المتعاملين أحياناً عندما يرون أن البيع والشراء يتمان بطريقة أغلى وأعلى تكلفة .
إلا أنه في النهاية يقتنع بأن ما رآه تحايل سمّاه البنك مضاربة ومرابحة، وما شابه ذلك، والتحايل إذا كان مغلفاً بغلاف شرعي، فإن الشرع نفسه فتح باباً في الفقه اسمه الحيل الشرعية، فما المانع من أن يبيعك بأغلى من البنوك الأخرى، مادام يخلصك من قيود ربوية موجودة في البنوك الأخرى قد تودعك في غياهب السجون؟
- على كل حال "لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي" وقد أوجدت الدولة مصارف إسلامية، وها هي دبي تحولت إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي . لكن في المقابل تجد العديد من البنوك الوطنية والأجنبية موجودة على أرض الدولة، والناس أحرار في التعامل مع هذه أو تلك .
ومن الناس من تغريه الدعايات والترويجا . فيلهث وراء الأسرع أو الأكثر فائدة، ناسياً قول الله تعالى: "يمحق الله الربا ويربي الصدقات" .
- لكن هناك سؤالاً يطرح نفسه بنفسه وهو: إذا ندم الناس الذين تعاملوا مع البنوك الربوية أو مع المحرمات عموماً على ما فعلوا وأرادوا أن يتخلصوا من تبعات الحرام فما الحل؟
- يقول الفقهاء المعاصرون: إن المشقة تجلب التيسير، والحرج يرفع، ولذا فإنه لابد للناس من التعامل مع بعض الشركات التي تخلط الحلال بالحرام، وعندئذ يكون المتعامل معهم قد وقع في الحرام أيضاً، بمعنى أن عوائد شركته أو ماله منها ما هو حلال ومنها ما هو حرام أو فيه شبهة، ولكي يتخلص من الحرام في هذه الحالة يحسب ما دخل عليه من الحرام حسبة تقريبية .
ويوزع مقداره على وجوه الخير على أن لا يحسب ذلك ضمن زكاة ماله، ولا أن يدفع منه ضرائب حكومية .
- الذين أفتوا بهذه الفتوى، استندوا إلى قاعدة فقهية معروفة تسمى "عموم البلوى وعموم الحاجة ورفع الحرج"، وقد قال الإمام السرخسي من الحنفية: "ما لا يستطاع امتناع عنه فهو عفو"، (أنظر المبسوط للسرخسي ج1 ص 90)، ويقول شهاب الدين القرافي من علماء المالكية: "كل مأمور يشق على العباد فعله، سقط الأمر به، وكل منهي عنه شق عليهم اجتنابه سقط النهي عنه" . (انظر الذخيرة ج1 ص 189) .
ويقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: "يجوز للحاجة ما لا يجوز بدونها، كما يجوز بيع العرايا خرصاً بالتمر" (انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية) .
وقد أشار ابن تيمية إلى ما ورد في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى في أكثر من حديث عن بيع الرطب بالتمر، وبيع التمر خرصاً وتخميناً، ومع ذلك أجاز لأصحاب الحاجة بيع ما على التخيل من الرطب بتمر يخرص خرصاً في حدود خمسة أوسق (667كغم) .
ومن هذه الأحاديث استخرج الفقهاء قواعد مثل: "الحاجة تنزل منزلة الضرورة" .
- وأود أن أشير إلى مسألة وهي أن الفقهاء بمن فيهم فقهاء المذاهب الأربعة، أجازوا التعامل مع من غالب ماله حلال، سواء كان بيعاً أم شراء أم غير ذلك .
يقول الكاساني من الحنفية: "كل شيء أفسده الحرام، والغالب عليه الحلال فلا بأس ببيعه" (انظر البدائع والصنائع ج6 ص 144) .
ويقول ابن رشد: "التعامل مع من غالب أمواله حلال جائز لدى المالكية" . (انظر فتاوي ابن رشد ج1 ص 631) .
ويقول العز بن عبدالسلام: "وإن غلب الحلال بأن اختلط درهم حرام بألف درهم حلال، جازت المعاملة" . (انظر قواعد الأحكام ج1 ص 72- 73)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"