عدة الوفاة قبل الدخول

03:01 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

من المعروف فقهاً أن المرأة بمجرد العقد تصبح زوجة لمن عقد عليها، لكن لا تستحق حقوقها كاملة إلا بدخول الزوج بها دخولاً شرعياً.
فلو لم يسنجما مع بعض وطلقها زوجها قبل الدخول بها فإن لها نصف المهر المسمى في ورقة العقد، والمهر ليس المقدم الذي تأخذه عند العقد كما يفهمه عموم الناس.
بل المهر أو الصداق هو مجموع المقدم والمؤخر في الذمة، وليس بصحيح ما يعرف بين الناس من أن المهر هو ما يقدمه الزوج لزوجته عند العقد، وأن ما يتقرر تأجيله يسمى «في الورقة». حتى أن بعضهم يولي اهتماماً بمقدم المهر وينسى المؤخر بحكم أنه في الذمة، ويعبر عنه في ورقة العقد بأنه يحل أجله في أقرب الأجلين، أي الطلاق أو الوفاة.
-وإنني أنبه الناس إلى خطورة تجاهل مؤخر مهر المرأة، لأنه دين في ذمة الرجل، فلو مات وليس عليه أي دين لأحد إلا مؤخر مهر زوجته، لكان كافياً أن يحبس عند الميزان يوم القيامة، حتى تأتي الزوجة وتأخذ حقها.
-إذن فإن المطلقة قبل الدخول تستحق نصف مهرها، إذا كان الزوج هو الذي أقدم على الطلاق، ولا تستحق أي شيء إذا كانت هي التي طلبت الطلاق، والمهم أن نصف المهر يراد به نصف المقدم والمؤخر معاً وليس نصف واحد منهما، ولا عدة عليها، إذا لم تحصل الخلوة بينهما، وعليها العدة استحباباً إذا حصلت الخلوة.
-والعدة كما يقول الفقهاء مشروعة لعدة أسباب:
- معرفة براءة الرحم.
- احترام الجانب التعبدي، حيث إن الله تعالى أمر بها النساء المؤمنات.
- إظهار الحزن والتفجع على الزوج بعد الوفاة اعترافاً بالجميل.
- تهيئة الفرصة للزوجين للمراجعة في حال الطلقة الرجعية.
- تعظيم أمر النكاح، فقد سماه الله ميثاقاً غليظاً.
-فمتى طلق رجل امرأته بعد دخول بها، كان عليها أن تعتد ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر، ولا فرق بين الطلاق الرجعي والطلاق البائن من حيث مشروعية العدة، اللهم إلا الطلاق قبل الدخول فقلنا بأنها لا عدة عليها متى لم يخل بها خلوة شرعية.
-وبقيت مسألة أنه لو مات عنها قبل الدخول بها، فهل عليها عدة؟
نعم.. يجب عليها أن تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً ولها الميراث أيضاً، لأن العصمة تقررت بوجه معتبر، فكان سبباً معتبراً لترث.
وأما كونه مات قبل أن يدخل بها، فالإسلام يأخذ بالأحوط، فما أدراك لعله دخل بها خفية، ومثل هذا يحصل اليوم كثيراً حيث إنهما يجتمعان ويخرجان معاً ويختليان ببعض لمدة قبل الدخول، فوجوب العدة من باب الاحتياط حفظاً للنسب.
وقد قال الإمام مالك: «تقاس المتوفى عنها زوجها الذي لم يدخل بها، على التي طلقها زوجها قبل أن يمسها»، وقد قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها» (الآية ٤٩ من سورة الأحزاب).
واستدل أيضاً بحديث بروع بنت واشق التي مات زوجها قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها صداقاً، فقضى الرسول صلى الله عليه وسلم لها صداقاً وأوجب عليها العدة، وفرض لها الميراث (رواه الترمذي).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"