ما حكم الذهب الأبيض للرجل؟

02:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

في الأصل أنه لا يوجد شيء اسمه الذهب الأبيض حقيقة، لأن الذهب كما هو معروف عند الصاغة لونه أصفر، وما وجد اليوم وقيل عنه بأنه ذهب أبيض، هو ذهب أصفر يخلطون معه قدراً من الزنك والنيكل والفضة لتكسب الذهب الأصفر ظلالاً كالحمرة والصفرة والخضرة، والهدف من هذه العملية أن يوجدوا في السوق بديلاً عن البلاتين الأبيض الغالي الثمن.
وحسب ما ورد عن بعض أهل الصنعة، فإن إضافة جزء من البليديوم إلى ستة أجزاء من الذهب عيار 21 قيراطاً تؤدي إلى إنتاج ذهب أبيض عيار 18 قيراطاً.

ومن هنا فإن بعض العلماء ذهب إلى أن ما يسمى بالذهب الأبيض وهو ذهب حقيقة، وإذا أراد الرجل أن يلبسه أو المرأة أن تزكي عنه فيحسب المقدار الذي يستخلص من تلك الخلطة، إذ إن الزكاة تتعلق بما هو ذهب حقيقة لا بالكميات المشكلة من المعادن الأخرى.

وذهب بعضهم إلى أن الذهب الأبيض يطلق على البلاتين، والبلاتين معدن مستقل بذاته وقد يكون أغلى من الذهب، فهو إذن حرم لبسه لأنه يدخل في باب السرف الذي نهى عنه دين الإسلام.
وإذا زكي عنه فليس لأنه ذهب، بل لأنه مال ثمين، وكل ما كان كذلك فإنه يثمن في نهاية العام ضمن الأموال الأخرى، فمتى بلغ النصاب وجبت فيه الزكاة شأنه شأن الأشياء الأخرى التي يملكها المسلم.

وقد ورد عن ابن عثيمين من الحنابلة المعاصرين قوله «جمهور العلماء على وجوب الزكاة في الذهب الأحمر كما دل عليه الدليل من الكتاب والسنة، وأما ما يعرف عند الناس بالذهب الأبيض وهو البلاتين فليس بذهب شرعاً ولا لغة، لكنه ذهب اصطلاحاً كما يسمي الناس اليوم البترول بالذهب الأسود».

وفي «الدرر السنية» وهي مرجع علمي موثق يشرف عليه علوي بن عبد القادر السقاف ورد تحت المبحث الخامس «زكاة الذهب الأبيض» قوله: «الذهب الأبيض هو خليط من ذهب وبليديوم بنسبة ستة أجزاء من الذهب بعيار 21 قيراطاً إلى جزء واحد من معدن الفضة أو معدن البليديوم أو الروديوم أو خليط من الاثنين معاً فينتج ذهب أبيض بعيار 18 قيراطاً».

وأفتت الهيئة الشرعية لبيت الزكاة الكويتي بأن الذهب الأبيض يعامل معاملة الذهب الأصفر في جميع الأحكام الشرعية لعموم النصوص الشرعية، فخلط هذا الذهب بغيره لا يخرجه من كونه ذهباً، والسبب الآخر أن الشرع لم يعلق الحكم بلون الذهب عندما فرض الزكاة فالأبيض ذهب والأصفر ذهب.

أقول وهذا الرأي والله تعالى أعلم وهو الرأي الأحوط لكنه الأشد على الناس، لذلك فإنني أميل إلى الرأي القائل بأن الذهب حقيقة هو الأصفر، وأما غيره فمجاز وأن الزكاة تجب في القدر المستخلص من هذا الخليط فإذا بلغ النصاب وجبت فيه الزكاة، وإلا فلا يزكى عن المجموع زكاة الذهب.

وهكذا فعل الناس اليوم مع الشعر، حيث إنهم جردوه من كل قيمه ومعانيه وأصبح شيئاً متداولاً بين الناس ومقدوراً عليه من كل الناس، فكل من استحضر خاطرة كتبها ثم قسمها بواسطة عود الكبريت إلى قسمين أو إلى أشطر متساوية وسماها قصيدة وشعراً، أو ربما كتب نثراً فضفاضاً وسماه شعراً في حين أن الشعر بريء منه.

ولماذا يفعل ذلك؟ لأنه عاجز عن كتابة الشعر الفصيح الذي تغنى به علماء البلاغة واللغة والأدب، وقراء اليوم أيضاً عاجزون عن قراءة الشعر الفصيح، لذلك وافق هوى شاعرهم هوى قارئهم فانطبق عليه المثل «وافق شنّ طبقة»، وهكذا تغيرت كل المفاهيم وكل المضامين على كل المستويات، فلا الذهب بقي ذهباً ولا الشعر بقي شعراً، ولا الأذواق بقيت أذواقاً وصدق الشاعر إذ قال:

فلا الأذان أذان في منارته

إذا تعالى ولا الآذان آذان

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"