مخالفة لوائح المرور

03:10 صباحا
قراءة 3 دقائق

ما نراه اليوم في الشوارع والطرقات من لوائح إرشادية وتعليمات للمارة، هي في الأصل إسلامية ومستقاة من تعاليم ديننا الحنيف .
- ففي القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من الآيات والأحاديث التي تدعو إلى احترام قواعد المرور في الطرقات ومراعاة أحوال الناس، سواء كانوا من المارة أو من هم في البيوت .
- ولقد هممت يوماً من الأيام بأن أصدر كتاباً سميته "منجد السائق"، وفي هذا الكتاب أوردت طرفاً من هذه الإرشادات الإسلامية التي نراها ونقرأها اليوم مستوردة من الغرب، ومن تلك التعاليم الربانية أو النبوية الأصل:
* قوله تعالى: "لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا"، فمثل هذه الآيات يمكن أن نفهم منها مفهوم اللوحة المرورية: الزم الخط .
* وقوله تعالى: "تلك حدود الله فلا تعتدوها"، يمكن أن يكون دالاً على اللوحة المرورية: ممنوع التجاوز .
* وقوله تعالى: "واقصد في مشيك"، يمكن أن يرشد إلى مفهوم اللوحة المرورية: خفف السرعة .
* وقوله تعالى: "واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"، يمكن أن يكون مفهوم اللوحة الإرشادية: ممنوع استعمال المنبه .
* وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من آذى المسلمين في طريقهم وجبت عليه لعنتهم" .
- هذه النصوص التي ذكرناها هي أمثلة، وإلا فإنها كثيرة، وما نرى من لوحات إرشادية في بلدان العالم ما هي إلا جوهر هذه التعاليم الجميلة، لكن بكل أسف فإننا لا أخذنا بالأصل العربي المنزل، ولا بالمطبوع بالأجنبية المستمد جوهره من الأصل .
- وإنني بكل تقدير أتذكر العهد العثماني العظيم حيث يروي لنا التاريخ أنه في ذلك العهد كان على أبواب المنازل مطرقتان: إحداهما صغيرة، والأخرى كبيرة، فعندما يطرق الباب بالصغيرة يفهم أن الذي يطرق الباب امرأة، فتذهب سيدة البيت لتفتح الباب، وعندما يطرق الباب بالمطرقة الكبيرة يفهم أن رجلاً بالباب، فيذهب رجل البيت ليفتح الباب .
وكانت توضع على باب المنزل الذي فيه مريض باقة ورد حمراء، ليعلم المارة بوجود مريض في هذا المنزل، فلا يصدرون أصواتاً عالية .
- إذن نحن سبقنا الغرب في كل شيء في العلوم والعادات، لكننا تخلينا عنها وغيرنا تمسكوا بها ومازالوا يصدرون إلينا تلك التعليمات الإسلامية الأصل .
- من أجل ذلك فإن اختراق قوانين السير وتعليمات المرور والمستشفيات، بل تعليمات أي وزارة أو دائرة حكومية، يعدّ خرقاً لحرمة الدين، وخروجاً على طاعة ولي الأمر الذي أمرنا الله تعالى بأن نطيعه فيما يأمر من مباح ومفيد ونافع، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم . ." .
(الآية 59 من سورة النساء) .
- وبناء على هذا فإنه يجب تطبيق جميع أنظمة المرور من ربط حزام الأمان، والتقيد بالسرعة المحددة في الشوارع، ومراعاة اللوحات الموجودة أمام المستشفيات أو عند المساجد والمدارس، أو عند معابر المشاة أو غيرها، لما فيه من حماية للأرواح التي قال الله تعالى عنها: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، (الآية 29 من سورة النساء)، (انظر مجموعة الفتاوى الشرعية الصادرة عن قطاع الإفتاء والبحوث في دولة الكويت ج22 - ص 445 - 446) .
- ومما ينبغى أن يعلم أن المخالفات التي تحررها إدارات المرور وهيئة الطرق، إذ كانت تحرر على المخالفين لقواعد المرور، وعلى المستهترين بالأنظمة، بنية الردع والزجر والتأديب، فإنها لا تدخل في باب الحرام، لأن الحكومة من حقها أن تؤدب مرتكبي المخالفات، فإذا لم يوجد نص شرعي صريح في ذلك الباب، كان لها أن تقدر، وهذا ما يسمى في الفقه الإسلامي بالتعزير أي حدّاً لم يقدره الشرع لا في الكتاب ولا في السنة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"