هل الخلوة توجب كامل المهر؟

02:16 صباحا
قراءة دقيقتين
من المعلوم عند الفقهاء أن الزوجة إذا طلقت قبل الدخول بطلب منها فلا شيء لها من المهر، وإذا طلقها زوجها قبل الدخول بإرادة منه فلها نصف المهر . لكن الفقهاء بعد ذلك فرّقوا بين الزوجة التي اختلى بها زوجها بعد العقد ولم يدخل بها، والتي عقد عليها ولم يختل بها . فالتي لم يختل بها إذا طلقها وبإرادته فلها نصف المهر باتفاق العلماء، بل ولها متعة أيضاً تطييباً لخاطرها، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً" (الآية 49 من سورة الأحزاب)
أما إذا عقد عليها ولم يدخل بها، لكن حصلت بينهما خلوة صحيحة وأراد أن يطلقها، فإن الفقهاء قالوا في مثل هذه الحالة:
1- قال الأحناف إن الخلوة الصحيحة هي أن يجتمع الزوجان بعد العقد الصحيح في مكان يأمنان فيه من دخول أحد عليهما من دون إذنهما أو يطلع عليهما، وليس هناك مانع يمنعهما من المخالطة الجنسية، فإذا لم يكن المكان آمناً فلا تكون الخلوة صحيحة، وإن كان آمناً ووجد المانع لا تكون الخلوة صحيحة أيضاً .
والموانع، قد تكون حقيقية مثل المرض، وقد تكون شرعية كأن يكون أحدهما صائماً في نهار رمضان، وقد تكون طبيعية كأن يكون ثالث موجوداً معهما ولو كان صغيراً (انظر أحكام الأسرة في الإسلام للأستاذ محمد مصطفى شلبي ص 978) .
فعلى رأي الأحناف أن الخلوة الصحيحة إذا حصلت بشروطها، فإنها تستحق المهر المسمى، واستدلوا بما رواه أبوعبيدة عن زائدة بن أبي أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أنه إذا أغلق الباب وأرخي الستر فقد وجب الصداق، لأن التسليم المستحق وجد من جهتها فيستقر به البدل .
أما المالكية والشافعية وداوود الظاهري فقالوا إن المهر لا يستقر إلا بالوطء، وإذا قلنا بوجوب المهر بالخلوة الصحيحة فإن الواجب نصف المهر ما لم يحصل الوطء، لقوله تعالى: "وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتهم لهن فريضة فنصف ما فرضتم . ." (الآية 237 من سورة البقرة)
لأن مفهوم الآية أن الطلاق إذا وقع قبل المسيس الذي هو الدخول الحقيقي، فالمهر يكون نصف ما فرض، وفي حال الخلوة الصحيحة التي لم يقع فيها مسيس فلا يجب المهر كله .
والحنابلة قالوا إن الخلوة الصحيحة هي الخلوة التي تكون بعيداً عن طفل مميز أو بالغ مطلقاً، إن كان الزوج يطأ مثله، وكانت الزوجة توطأ مثلها ولم تمنعه من الوطء، وعندئذ يجب كامل المهر .
وقال الفقهاء أيضاً: إذا قلنا إن الخلوة الصحيحة توجب المهر، فإنها توجب العدة أيضاً وهي عدة المطلقة . ومما يجب أن يعرفه الزوجان أن الطلاق إذا وقع بعد الخلوة الصحيحة وقبل الدخول فإنه لا يأخذ حكم الطلاق الذي يقع بعد الدخول في كل شيء .
فالطلاق بعد الدخول يوجب حرمة بنات الزوجة، فلا يجوز لمطلقها أن يتزوج بناتها من الزوج الثاني، أما لو طلقها بعد الخلوة ومن غير الدخول بها، فإنه يحل له أن يتزوج بناتها، لأن القرآن الكريم علّق تحريم الربائب بالدخول .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"