إبداع حقيقي بأسماء مستعارة

03:09 صباحا
قراءة 3 دقائق
المرأة الإماراتية الشاعرة الحاضرة في الذاكرة الأدبية لها طابعها المميز وتاريخها الذي حفر موقعها في التراث الشعري منذ زمن بعيد، شأنها شأن المرأة الخليجية التي كانت تتوارى خلف أسماء مستعارة، وتنشر إبداعها حتى وقت قريب دون التصريح المباشر باسمها، وعلى الرغم من أن هذا اللون من الجنوح الفكري كان في حد ذاته يجعلها بعيدة عن الحراك الأدبي، إلا أن غيابها خلف القصيدة جعلها تكتب الشعر والقصة والرواية وكل ألوان الأدب بشكل مغاير، وحرك لديها مشاعر أخرى مختلفة عن الرجل، وهو ما أسهم في النهاية عن ميلاد تجربة من الصعب أن تتكرر، هذه التجربة ذات ملامح خاصة أتاحت للمرأة الإماراتية والخليجية أن تحاول إثبات كفاءتها الأدبية بشتى الطرق، إذ إنها لو لم تكن متميزة في الشعر أو الأدب بوجه عام فكيف سيصل صوتها وتتغير في يوم من الأيام طبيعة الخريطة من حولها.
إن الإصرار الذي ولد هذه المفارقة الأدبية النادرة في التاريخ الأدبي بوجه عام أظهر مدى اهتمام المرأة بكتابة الشعر ومدى المكانة التي وصلت إليها، مما جعل أصحاب المنابر الإعلامية المختلفة يحرصون على متابعة هذه الأسماء وفتح مساحة لهن للظهور، وتم تسليط الضوء بشكل كبير على تجاربهن من خلال الحوارات المطولة ونشر إبداعهن الشعري والأدبي، وهو ما يوحي بأن المتلقي حريص على متابعة هذا الإبداع على الرغم من الفضول الذي يرافقه والحلم الكبير في كشف هذا القناع لمعرفة هذه الشخصية الفذة، ناهيك عن أن بعضهن شاركن في مسابقات أدبية كبرى وهن خلف هذا الستار، واستطعن إثبات قدراتهن على المنافسة والتفوق، ولجأ بعضهن إلى الاسم المستعار ثم كشفن عن الاسم الحقيقي لاحقاً، ومن تلك الأسماء الشعرية فتاة العرب وأنغام الخلود وفتاة دبي وبنت السيف وسجايا الروح ونسايم السادة ووحيدة السعودية وعابرة سبيل وريمية وظما الوجدان وغيرهن الكثير.
لكن عندما نتحدث عن التجربة الحقيقية في ميلاد شاعرات وأديبات إماراتيات وخليجيات بهذا الشكل فإن هذه الأسماء تستحق تسليط الضوء عليها، حيث لم يكن أمام هذا الصنف من الأديبات سوى أن يعبرن بمنتهى الجسارة عما يجيش في صدورهن وما يختلج في مشاعرهن، فبرعن إلى حد كبير في انتشار موجة من الأدب ذات طابع جمالي مبدع يشعر من خلاله القارئ بأنه أمام شيء مختلف، وكذلك الناقد يقرأ ليستخرج ملامح التجربة بقراءة للبيئة والنفس الشاعرة والظروف التي صنعت هذا الثراء النسوي في ذاكرة الأدب العربي، لكن يمكن القول، إن ما حدث في هذه الفترة ولّد نوعاً من الثقافة الرائدة حيث كانت الدواوين والمسرحيات والقصائد التي تنشر والروايات توقع بأسماء مستعارة حتى جاء اليوم الذي يشهد فيه المجتمع الثقافي لهذا الإبداع الكبير، وقد تم تسليط الضوء حول نماذج غيرت من ملامح الأدب وفتحت منافذ جديدة للضوء لكن بشكل عام، والمأمول من الباحث الاقتراب من العمل الذي ينتج عن الاسم المستعار وإبداعه الحقيقي ولا يكون هذا القناع عقبة أمام دراسة عمله الجمالي، ويتم النظر إلى تجربة الشخص الأدبية بشيء من الفهم الدقيق ومن ثم دراستها بشكل مستفيض لعل وعسى أن ينتج عن ذلك قراءات ذات بعد آخر.


محمد عبدالله البريكي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"