القاهرة.. ملتقى الشعراء العرب

00:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي

يقول جان كوكتو «الشعر لا غنى عنه، لكني لا أعرف لأي شيء» وهو ما تحقق في ملتقى القاهرة الدولي الرابع للشعر العربي «ضرورة الشعر» دورة محمود حسن إسماعيل ومحمد عفيفي مطر، هذا الملتقى الذي شرفت بحضور فعالياته في مصر العظيمة التي تتنفس شعراً وتتألق إبداعاً، ولا تزال الحفاوة بالضيوف العرب على أرض الكنانة هي الميزة الكبرى في طبيعة الشعب المصري الذي يبالغ في إكرام الضيف ويقدم أقصى ما يمكن حتى يشعر بأنه في بلده ووسط أهله، أما عن الشعر فقد كان حاضراً بقوة في الملتقى، إذ استمعت إلى أصوات شعرية عميقة والتقيت بوجوه لامعة في عالم الإبداع الشعري كلهم يحملون هموماً مخلصة ويأملون بأن تتسع دائرة الشعر ويتواصل الإبداع العربي الكبير في الميدان الذي ميّز الأمة العربية على مدار تاريخها، ولا تزال مصر بهيّة تحمل هموم الثقافة كونها شعلة التنوير، من رحمها ولد عمالقة الأدب الذين جددوا وكانوا ولا يزالون خط الدفاع الأول عن اللغة العربية.
ولكي تكتمل الصورة، فالقاهرة تعيش بشكل دائم ملتقيات شعرية لا تنتهي على مقهى الفيشاوي، وفي أروقة منطقة الحسين وبين دهاليز خان الخليلي، وعلى صفحة النيل الدافق، فالشعر يترقرق بين مائه العذب.

وقد أسرتني القاهرة بمآذنها وجوامعها وأزقتها القديمة وطيبة أهلها، فالقاهرة تتنفس شعراً وحركة متصلة من الإبداع، فالجميع يبتسم في وجهك ويبادرك التحية ويحاورك في قضايا شعرية كثيرة دون تعصب أو تحيز، فتلاقت أوجه الشعر جميعها، وقد سعدت جداً بهذا التسامح بين أقطاب الشعر، حيث التقبل مع احتفاظ كل طرف بوجهة نظره وإيمانه بقضاياه الخاصة والعامة، وأكثر ما لفت نظري أن شعراء مصر الكبار ونقادها العظام كانوا في حالة من الدأب والسعادة الكبيرة منذ انطلاق الملتقى وحتى نهايته يرحبون بالشعراء الذين أتوا من جميع محافظات مصر لحضور الملتقى، ويستمعون إليهم ويشجعونهم على الإبداع، وعلى الرغم من غياب بعض الأسماء التي تم دعوتها للملتقى ولكنها لم تحضر، إلا أن ذلك لا يقلل من قيمته ولا ينقص من قدره، فالغياب يخص هؤلاء الذين لم يحضروا، أما الملتقى فإنه ظل شامخاً بالحضور الكثيف وبالكلمة الشعرية التي هزت المنابر.

وفي كل أمسية كانت القاعات تمتلئ عن آخرها، فالجمهور جاء ليسمع الشعر، وقرر أن يتفاعل مع الإبداع، وهذا ليس غريباً على أبناء مصر الذين يحتفون دائماً بالكلمة الشعرية المبدعة وبالمبدعين العرب، إذ إن الملتقى يحمل صيغة عربية وهماً عربياً شعرياً من أجل مستقبل الشعر.
إن مصر تمثل حركة ثقافية كبيرة في مسيرة الإبداع العربي وملتقياتها ومؤتمراتها ومهرجاناتها الشعرية، وكل العرب يعرفون دور مصر التنويري الرائد في مسيرة الشعر، إن مصر تعيد للشعراء شبابهم وتعطيهم أملاً جديداً لكي يظلوا طيوراً محلقة بالإبداع.

لقد انتهى ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي الذي أكد أن الشعر ضرورة، وأن حضوره سيظل طاغياً، وأن العرب لا غنى لهم عنه، وعلى الرغم من محاولة البعض التحامل على الملتقى والكتابة عن بعض تفاصيله بسلبية، إلا أنه أثبت أهمية الشعر وعلى أنه ماء الحياة، وهو ما أكده الشعر الذي جعل الأغلبية تحرص على حضور الأمسيات التي كان صوت القصيدة فيها عاليا بمشاركة مجموعة من الأسماء الشعرية في مصر والوطن العربي وكذلك بمشاركة بعض النقاد الذين أثرى اختلاف بعضهم الملتقى وجعل التعاطي معه ذا فائدة، وقد لخص أحد النقاد معضلة النقد وتلقيه من خلال اللغة العالية التي يكتب بها البعض مما جعل بحوثهم تعيش في واد والمتلقي في واد آخر، كذلك فقد حاول آخر أن يجعل من الرواية عنصراً مشاكساً في المؤتمر وهو ما جعل الكثير يرد على تلك المقارنة التي تفرق ولا تجمع، وفي المجمل نجح الملتقى على المستويات كافة فالقاهرة ستظل ملتقى الشعراء العرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"