بيت الشعر في الأقصر

23:38 مساء
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي

في الأقصر وعلى ضفاف نهر النيل العظيم كان الشعر يروي حكايته من جديد، فلا تزال مصر الكبيرة بشعبها وحضارتها نبراس الكلمة المبدعة الصادقة، وبيت الشعر في الأقصر التي تألقت بمعابدها وتاريخها الطويل، هو مكرمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إلى أهل الأقصر الكرام، خصوصاً وأن صعيد مصر يختزل وجه الإبداع الحقيقي في عالمنا العربي حيث أخرج للوجود الأدبي عظماء مثل عميد الأدب العربي طه حسين ونابغة العربية محمود عباس العقاد وغيرهم من الذين أثروا ساحة الأدب.
اليوم يجسد بيت الشعر في الأقصر رؤى وطموحات كبيرة لمستقبل الشعر، وتأتي بيوت الشعر في أقطار الوطن العربي من خلال هذه المبادرة لصاحب السمو حاكم الشارقة لتثبت أن الشعر واللغة يتنفسان بحرية الشعر ويحلقان في سماء الفكر، ومنذ أيام أثبتت نماذج شبابية فذة في افتتاح بيت الشعر في الخرطوم أنها قادرة على تجديد دماء القصيدة واستغلال كل جمالياتها لكتابة نص يهز الوجدان ويطرب الآذان، وقبله قدمت نماذج مبهرة من خلال بيت الشعر في محافظة المفرق الأردنية والقيروان التونسية ونواكشوط الموريتانية، واليوم تأتي محافظة الأقصر من خلال بيتها الذي احتفل بمرور عام على افتتاحه ليقدم أسماء شعرية شبابية مبهرة في الشعر واللغة، لتثبت هذه البيوت أن الشعر العربي يموج بالجمال والحكم والأمثال واللغة الرشيقة والإيقاع والدهشة، وأن العرب لن يتركوا الشعر ولن يغلقوا باب ديوانه، ولا يعني تعمد البعض تهميش المبدع الحقيقي وإقصاءه عن منابر الجمال وإظهار القبح بدعوى أن الشعر الحقيقي غير موجود أو تراجع، أن نقف عاجزين أمام محاولاتهم أو أن نستسلم لقناعاتهم، فهناك قلوب صادقة في حبها، ونفوس واضحة في صدقها، وهمم ساعية إلى مجدها، وهي تقدم كل ما من شأنه إعادة الشعر العربي الأصيل إلى أهله ليتبوأ مكانة رفيعة ويقدم صورة مشرقة وبديعة، وقد كان لي تواصل مستمر وتماس مع بعض الشعراء الشباب في الدول العربية قبل هذه البيوت، وكنت أجد فيهم العزم ولديهم القدرة على صنع الجمال، لكنهم يعانون معاناة كبيرة وتهميشاً متعمداً من قبل البعض الذين يقدمون عليهم نماذج سيئة لا تنتمي إلى الشعر، وهم بهذا الفعل يسهمون للأسف الشديد في تدمير مقدرات الأمة وطمس هويتها وحضارتها المرتبطة بالشعر واللغة.

ولقد سعت بيوت الشعر منذ انطلاقتها إلى فتح الأبواب للشعراء والمهتمين به واحتضان المواهب وتحفيزها على التواصل، ومدت من أجل تحقيق هذه الغاية جسور التواصل مع المؤسسات الثقافية من أجل تقديم جهد جماعي يتكامل مع الغير ليصب هذا الجهد في مصلحة العمل وخدمة المبدع، ولا يمكن إغفال دور التفاعل الرسمي في بعض البلدان العربية وهو ما يثبت قوة التواصل الاجتماعي والإنساني والإبداعي والمصير المشترك ودور الثقافة والشعر في تقوية العلاقات والصلات والمحبة.
إن ما نراه من أثر لهذه المبادرة ما هو إلا بداية مشوار مع الإبداع حيث ستفرز هذه البيوت أسماء شعرية جديدة وهو ما سينتج عنه حركة دؤوبة في طباعة دواوينهم وسيتفاعل النقاد مع هذا الحراك الأدبي ليسهموا بدراسات نقدية تواكب هذه الحركة، وهو ما سينتج عنه كم نوعي تراكمي يخدم المشهد الشعري ويرفد المكتبة العربية بالعديد من المطبوعات، ويفتح آفاقاً جديدة تتدفق من خلالها مياه القصيدة ويجري نهر الشعر بحرية، وقد سعدت بالوجوه الشعرية المتألقة في مدينة الأقصر المصرية في حضور وزير الثقافة المصري والمحافظ ونخبة من المثقفين وكبار الشعراء.
إن مبادرة سموه على أرض مصر أظهرت أن الشعر بخير وأن الأصوات الجديدة قادرة على أن تحجز لها مكاناً على خريطة الإبداع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"