تطوان.. قصيدة المطر

03:18 صباحا
قراءة 3 دقائق
صباح يوم افتتاح مهرجان الشعراء المغاربة الذي تنظمه دار الشعر بتطوان في المغرب ضمن مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وأكمل عامه الأول صافحته السماء بالماء وكأنه جاء في شوق إلى السنابل التي تنتظره بعشق في هذه المدينة المحفوفة بالعشب وطيبة القلب، فأين ما تولي ببصرك ستدهشك الأشجار بنضارتها والماء بتدفقه من الأودية، والبسمة من قلوب تسلم عليك وعيون تنظر إليك بمحبة وترحيب وهي تمارس محبتها للحياة وتجتاز الطرق التي تتجاور فيها الهمم بالاخضرار.
صباح يوم المهرجان الأول لدار الشعر بتطوان تلك الحمامة البيضاء المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط وتتميز مبانيها بالطابع الأندلسي والتي احتضنت المبادرة بمذكرة تفاهم بين وزارة الثقافة والاتصال وبيت الشعر في المغرب ودائرة الثقافة في الشارقة صباح بشر الطيور بنغم المطر وأيقظ الغناء من الأعشاش في منظر تجلىّ فيه الجمال الرباني رغبة في الاكتمال الإنساني، ودعاء بأن تكون الأرض الطيبة قصيدة خالدة ترتبط بنسبها وجذورها وحضارتها العظيمة التي فاخرت بها الأمم.
القصيدة العربية التي كل ما رميت بحجارة التهميش والنكران أسقطت رطباً جنيّاً وقصائد تفجّر اللغة، فتصنع من الخيال صورة بديعة لتعلن أنها الفتاة البكر التي لا تشيخ، وأنها لا تختلف مع الآخرين بل تدعو إلى رسم صورة الجمال والكمال من خلال التكامل والاعتزاز بالأصل الذي على أرضيته تنطلق رحلة الشعر في سماء الخلود.
إن القصيدة العربية واللغة حظيت باهتمام كبير ومحبة ناتجة عن الخوف عليها مما يراد بها من تدمير ونكران وجرّها إلى دهاليز التغريب ومحاكاة الغير والانبهار بنتاجهم في لحظة يغيب فيها الاعتزاز بما تملكه اللغة من مقومات البقاء، والقصيدة العربية من دهشة ونقاء، ولذلك فإن مبادرة صاحب السمو حاكم الشارقة، لها بعدها الثقافي والحضاري، ولذلك سافرت مبادرات سموه ووصلت إلى الآخرين بغية التكامل في الحفاظ على ثقافة تمتد جذورها التاريخية بعيداً، وهي راسخة بتضافر الجميع ومحبتهم، والعمل على إنجاح كل مسعى من شأنه تحقيق هذه الرؤية الثقافية الثاقبة الخالصة، والمغرب الذي يجاور ثقافات مختلفة قادر بمحبة أبنائه للعربية وديوان العرب من أن يبرز دورهما ويفاخر بهما ويتحاور مع الآخر على أساس الاعتداد والاعتزاز فمن يملك حضارة، يقف بشموخ وعزة ولا ينكسر أو ينحني أمام حضارات أخرى بل يتعاطى معها وينفتح بإيجابية ووعي وبما يخدم ويضيف وينفع، وفي المغرب طاقات شعرية شابة استطاعت أن تصل بجمالها وتشارك في مهرجانات عربية كثيرة، والشارقة وبيت الشعر فيها محطة من ضمن هذه المحطات، ولقد حضرت افتتاح بيوت الشعر ومهرجاناتها ضمن هذه المبادرة وكلفت في تجهيز بعضها واكتشفت أن هناك طاقات إبداعية شبابية تحمل رؤية وتجديداً ولا تنسلخ عن هويتها كانت تنتظر الفرصة والمنبر لتقول وتنشد وتبهر مما يبشر بجيل شعري يكمل مسيرة الرواد إذا وجد فرصته في التعبير عن نفسه والإعلان عن قصيدته في مناخ لا يكرس المستهلك ويتعاطى في عالم الشعر والإبداع على مسافة واحدة مع الجميع.
صباح المطر بتطوان صباح محفوف بالكرم وطيب الاستقبال متطلع إلى مساءات تفتح مساحات واسعة للطاقات الجديدة وللقصيدة العربية الخالدة لتبقى مبادرة صاحب السمو حاكم الشارقة هدية المحب للثقافة واللغة والشعر إلى كل مبدع حقيقي.

محمد عبدالله البريكي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"