رمضان الشارقة

03:47 صباحا
قراءة 3 دقائق
لم تكن الثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة دخيلة أو غريبة في شهر رمضان، فالاحتفاء بها كان ولا يزال كبيراً وبوسائل مختلفة ومنذ زمن بعيد، فقد كانت ثقافة القرآن وقراءته ومذاكرته هي الأميز والتي أضفت على أجواء هذا الشهر الكريم روحانية كان الجميع يصافحها مصافحة اليد وهو يلتقي بالقراء أو يمر بجانبهم أو يجلس في مجالسهم سواء كان في المساجد أو في مجالس الأعيان أو تحت "السبلة" المبنية من سعف النخل، ويرى الناس هذه الأنوار رؤيا العين من خلال البسمة التي تشع من بينهم، ومن عاش هذه الروحانيات رأى بعينه صدق ما قاله الخالق "سيماهم في وجوههم" .
كذلك فإن المجالس الثقافية المنتشرة في أغلب مناطق الدولة تنشط في شهر رمضان، بل وتتمايز بإضافة اسم الشهر إلى مسماها المعتاد ليكون نسباً لها، فصار اسمها المجالس الثقافية الرمضانية التي تطرح فيها قضايا ترتبط بالثقافة ومناقشة بعض القضايا التي تهم المجتمع وتسهم في نهضته وتعمل على تماسكه وترابطه ليكون سداً منيعاً وصفاً واحداً يقف أمام كل فكر متغير ويتعامل معه بالإيجاب أو السلب .
حاولت هذه المجالس أن تستقطب إليها فئات مختلفة وخصوصاً الشباب لتشاركهم في فهم الواقع وبناء المستقبل، فهم الذين يعول المجتمع عليهم في إكمال مسيرة آبائهم وأجدادهم ليحافظوا على ما تم إنجازه لأوطانهم حسب رؤية الأجداد وفكرهم، وليسهموا بطرح رؤاهم وأفكارهم المتجددة في عملية التطوير والتجديد المنشودة .
ولهذه المجالس الرمضانية دور في توطيد العلاقات الاجتماعية وتعزيز اللحمة الوطنية، والتواصل الاجتماعي الذي أصبح على صفيح ساخن في زمن أصبح الإنسان فيه يسابق اللحظات ويلهث وراء الوقت .
وأسهم الإعلام في الوقت الحالي في نشر أخبار هذه المجالس وما يدور فيها من نقاشات لتصل إلى شريحة أكبر من المجتمع، وليعطيها زخماً وقيمة من خلال تغطية ما يدور فيها برؤية إعلامية تنقل الحدث من خارج نطاق الجدران لتصل إلى العيون وتسمعها الآذان .
وإمارة الشارقة وهي عاصمة الثقافة منذ سنين وأصبحت هذه الصفة سمة تلتصق بها، وأضيف إلى سجلها الناصع المشرق في هذه السنة صفة عاصمة الثقافة الإسلامية من خلال ما قدمته من فعاليات وأنشطة تهتم بهذا الجانب المهم في حياة الشعوب وحضاراتها، وهي تسير حسب رؤية ونهج واضح رسمه لها شيخ الثقافة والأدب والشعر والفن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة .
رمضان الشارقة في هذه السنة مختلف ومميز بفعالياته الثقافية المنتشرة في مناطق مختلفة وفي مؤسسات ومجالس عديدة في هذه الإمارة الثقافية، لكنه أضاف ميزة جديدة وهي إقامة مجالس رمضانية ثقافية عدة تحت سقف واحد، وأصبح مركز إكسبو الشارقة يضج بالزوار الذين يسيرون في ممراته كخلايا النحل، ليحضروا ندوة فكرية أو أمسية شعرية أو فعالية ثقافية ترفيهية في سوق مرافق وجاذب وملب لأغلب الاحتياجات، فالوقت تحت سقف هذا السوق الثقافي الاقتصادي يمر كالبرق، لدرجة أنك تحتار في حضور أي فعالية تتزامن مع غيرها لأهميتها، كما أن الداخل إلى هذا المناخ لا يشعر بالملل والرتابة، فالتنوع يلهيه عن النظر إلى ساعته ليحسب الوقت أو يفكر في الذهاب إلى بعض الأماكن التي أحرقت الوقت بلهو وجلوس لا طائل ولا فائدة ترجى من ورائه .
فعاليات مهرجان الشارقة الثقافي الرمضاني مدت خيطاً ليلياً متصلاً يبدأ من المساجد الممتلئة بالمصلين والذاكرين ليصل إلى مركز إكسبو والمجالس الأخرى التي تتبع هذا المهرجان، ولتبقى هذه الإمارة إمارة للثقافة العربية والإسلامية بنشاط يتبع خطة نيرة مستدامة .

محمد عبدالله البريكي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"