مجمع الشارقة.. بارقة أمل للعربية

00:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي

تمتلك اللغة العربية طاقتها الإبداعية التي تجعلها قادرة على البقاء وسط اللغات الحية في العالم، وعلى الرغم من تقادم الزمن والسنين وتبدل أشكال اللغات، وشهرة بعضها واتخاذ الكثير من دول العالم بعض اللغات كوسيلة للتعامل عبر اللهجة المحكية أو المراسلات أو في الصياغة العلمية، وما إلى ذلك من حضور قوي شكلته الحضارة ببواعثها التاريخية، فإني أحسب أن الله قيض للغة الضاد من يحميها من عبث العابثين ومن يحاولون التقليل من شأن مفرداتها الثرية ويتجاهل الحديث بها من أبناء العربية أنفسهم، فضلاً عن هؤلاء الذين يحاولون تضليل الأجيال الجديدة ويتشدقون بأن جذورها قليلة، وهي اللغة التي تمثل جمال اللفظ وحيوية المعنى.
وقد أبرزت الأيام والسنون مدى اهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بلغة أهل الجنة، إذ إنه كان قد أعلن في مارس/‏‏آذار من العام الماضي عن مبادرة سيظل التاريخ يسجلها له بحروف من نور لكونها الأولى من نوعها في هذا العصر، حيث وجه بإقامة مجمع اللغة العربية بالشارقة، بمناسبة الاحتفاء بمنح سموه العضوية الفخرية في مجلس المجمع اللغوي المصري، وهي المرة الأولى التي يختار فيها المجمع عضواً فخرياً به، منذ افتتاحه في عام 1934.
والمبادرة تحمل الخير الكثير للأمة العربية وباحثيها والمهتمين بلغة الضاد، فهي تتيح الفرص لكل الذين لديهم جهود علمية، كما أنها ستغذي المجامع العربية بحثاً بما ستتمخض عنه، خصوصاً أن مجمع الشارقة يعد ذخراً لكل المجامع العربية في هذه اللحظة الدقيقة من عمر الزمن، وهو حلم طالما تمناه كل غيور على العربية، وقد عبر سموه عن أن ذلك المركز أو ذلك المجمع، سيتكفل بجميع احتياجات المجامع العربية أينما كانت، وسيكون على رأس أولوياته القيام بتمويل إصدار القاموس اللغوي التاريخي، وكل ما يتعلق به. وهو بذلك يؤكد أن مجمع الشارقة سيعمل على تمويل إصدار المعجم اللغوي التاريخي الذي يتمناه أساتذة الجامعات واللغويين وعلماء اللغة العربية في العالم العربي، وفي كل أنحاء المعمورة من المستشرقين والباحثين لأن هذا المعجم هو الأول من نوعه في الحياة العربية المعاصرة، بل وفي تاريخ الأمة العربية، لذلك فهو مشروع جدير بالوقوف عنده والتعلق بالآمال المنضوية عليه، فهو يجسد الحلم الذي ظل زمناً طويلاً حبيس الذاكرة الإنسانية، وجاء سموه ليحيي الأمل، ويحمل بشارة سارة إلى العلماء وأهل اللغة والمعجميين العرب في كل مكان.
وما من شك في أن العربية ليس لها معجم تاريخي مصنّف على أسس علمية حديثة، وأنه ليس من بين المعاجم العربية حتى يومنا هذا ما هو معجم تاريخي حقاً وهناك محاولات كثيرة لإصدار مثل هذا المعجم إلا أنها لم تكتمل.
في عام 2006 قرر اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية إنشاء مؤسسة مستقلة تتفرغ لتأليف المعجم التاريخي للغة العربية، وبالفعل يوجد اليوم مشروع «هيئة المعجم التاريخي للغة العربية» في القاهرة، وهذه الهيئة أنشأها اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، الذي يضم جميع المجامع في العالم العربي، فضلاً عن مقر هيئة المعجم في القاهرة، وكانت آخر المحاولات في الدوحة، حيث أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في 25 مايو/‏‏أيار 2013، عن إطلاق مشروع «معجم الدوحة التاريخي للغة العربية»، وها هو الأمل يشرق من خلال تكفل صاحب السمو حاكم الشارقة، بكل ما تحتاجه المجامع العربية، ومن ثمّ تمويل إصدار القاموس اللغوي التاريخي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"