مهرجان الشارقة منبر الشعراء

05:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
خمس عشرة سنة ومهرجان الشارقة للشعر العربي يحتضن شعراء العرب، فصوت القصيدة في حديقة نائمة تزهر أغصانها تحت وقع ضجيج الكلمات، لايعبر عن عراك بين بيت شعر وآخر؛ إنما البحث عن القصيدة التي يفكك الشاعر رموزها، عندما ينثرها أمام الناس أغنية للسلام، وفرحة للصغار، وشمساً ملونة.
من حق القصيدة أن تقول كلمتها في مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته ال 15، وأن تختار مستمعيها، وأن تسبح ضد الرتابة. من حقها أن ترسم بلاغتها، وتخطف عيون الناس وتخضهم إذا اعتراهم السكون، وتسكنهم بحراً من الدهشة الغامضة، وصورة تعبر المحيط كطائر هرب من عشه الأسير. والشارقة نجمة توزع الضوء في حقل الشعر المهيب، وتعطي كل شاعر قدره، تقلد الإبداع وساماً من الحب، وتتوج ضيوف الكلمة بالمنبر المفتوح، الشارقة حلم الشعراء، ووصفة الأدب المتجدد، الشارقة قصيدة مهداة إلى جميع الشعراء بكل لغات الشعر. هكذا الشعر يصفو نهراً من المحبة في مهرجان الشارقة للشعر العربي، في دورته ال 15.
من حق الشارقة أن تتألق حلماً بين ثنايا الحقيقة، وأن تشرق في حضور قصيدة، وأن تستقبل الإبداع من حناجر الشعراء الذين يطيرون في حدائقها المبهجة، فالشعر الآن يسبح في نهر الشارقة، يلتقط الحرف من مشارف الطموح، والقصيدة تنسجم مع الماء ليكتمل اللحن القديم مع اللحن الجديد، ويستيقظ العازفون من سباتهم الأبدي، ليولدوا من جديد في غمام قصيدة.
في مهرجان الشارقة للشعر العربي تتسق موسيقى الشعر العربي، وتتراقص على وقع قصائد ل 26 شاعراً من 17 دولة، يسكنون فضاء الشارقة الواسع، وينعمون برعاية واهتمام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي جعل للكلمة الصادقة موطناً، وللشعر أجنحة تطير وتحلق في كل أنحاء الدنيا.
لقد جعل سموه منابر الشعر سماوات مفتوحة للشعراء، لكي يعثروا على إيقاع أصواتهم، ويتعرفوا إلى الوجود من أصغر نقطة من تلسكوب الروح المنثورة فرحاً، والمسكونة وجداً، والمشرقة نغماً. لقد منح سموه بما يمتلك من روح مبدعة الشعراء حدائق بهجة، ومدّ لهم أسباب التوهج، واليوم نعيش حلماً جميلاً مع المهرجان الذي يتدفق بالندوات الشعرية، التي تعبر فيها مخيلة الشعراء عن التجلي في حضرة الشعر، ومع النقاد الذين يمتلكون أدوات التوصيف، فيتعانق الشعر والنقد في أجواء الشارقة الشتوية الدافئة.
ويأتي المجلس اليومي بعد انتهاء الأمسيات ليوقظ في الشعراء ما غاب في نشوة الإبداع، فيتولد الإيقاع من جديد، كل يشدو على وتر الحب تحت لواء الشارقة، التي تحتضن طيور الشعر، وتنثر حولهم ورود المحبة. وفي هذا المهرجان الذي يشعل شمعة جديدة يحتفي بشاعرين من زمن الشعر أولهما: إبراهيم محمد إبراهيم، الشاعر الإماراتي المسكون بماء الإبداع، والثاني الشاعر السوداني المعجون بالقريض الخالص، محيي الدين الفاتح، كما أن المهرجان يحتفي بمجموعة من الشعراء المبدعين من خلال نشر مجموعات شعرية للشعراء: طلال الجنيبي، من الإمارات، وأشرف جمعة، من مصر، وأحمد الأخرس، من الأردن. ولأن مهرجان الشارقة للشعر العربي هو في حد ذاته قصيدة عربية من زمن الشعر؛ فإنه يحتفي أيضاً بمرور عامين على مبادرة صاحب السمو حاكم الشارقة، الذي وجه بإقامة بيوت للشعر في أقطار الوطن العربي، وهذه التجربة أثبتت جدواها، وأعادت الشعر للشعراء.

إن المهرجان بكل ما يحمل من كثافة في الجهد، ودأب من أجل تحقيق الأهداف المرجوّة، هو صوت حانٍ يخرج من رئة الشارقة التي اقترن اسمها بالإبداع. إنني في هذا الاحتفال الكبير بالشعر والشعراء، لينتابني إحساس عميق بأن منابت الإبداع ولدت في ربوع الشارقة، التي غنت الحلم، وعانقت الأدباء، وخاطبت أرواحهم، وحققت لهم الكثير مما يطمحون إليه، في إطار مشروع إحياء الشعر العربي، ولاتزال دائرة الثقافة والإعلام تقوم بدورها المنوط بها، في تحقيق رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، من أجل تنفيذ مشروعات ثقافية، والحفاظ على ماهية الأدب، وهي تشرف على تنظيم بيت الشعر لمهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته الجديدة، التي تزدان بالحضور المتميز لكبار المبدعين في العالم العربي.


محمد عبدالله البريكي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"