«جيل الألفا» والمصارف

03:52 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

في قطاع البنوك والمصارف الذي يمثل قاطرة الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ بداية مسيرته عام ١٩٤٦، وتتجاوز أصوله ٤ تريليونات درهم إماراتي، في هذا القطاع نحن مطالبون بالتفكير بطريقة مستقبلية تواكب سعي العالم المحموم لأتمتة كل أنظمته وإحلال الأدوات الرقمية محل الوظائف الروتينية، حيث تصل نسبة ما ستتم أتمتته في الإمارات إلى ٤٥ ٪ خلال السنوات القليلة القادمة، ويطال ذلك كل ما لا يحتاج إلى الكثير من المهارات حتى تحصد الشركات والمؤسسات النتائج المرجوة، ما يشمل الكثير من الوظائف في مجالات التجزئة والصيرفة والتأمين والتسويق وإدارة الثروات والتمويل وغيرها، فما الذي يجب أن يفكر به الخريجون الجدد وهم يتخذون قرارات للاتجاه للعمل في القطاع المصرفي والمالي؟
يبدأ الأمر من كسر جليد الصورة النمطية التي ظلت متفشية في المجتمع لسنوات طويلة وهي تعكس أشخاصاً ملتصقين بكراسيهم، نقديين -إن جاز التعبير- يعملون لساعات طويلة ويعانون تأخر الترقيات وقلة الحوافز، فالأمر تغير في عصر تتجه فيه الكثير من البنوك لاختصار مساحاتها الجغرافية، وإعادة ترتيب أولوياتها ليكون العميل على رأسها، والتوجه نحو الحلول السحابية لحل الكثير من المعضلات في عالم المال والأعمال، أما من جهة أخرى فقد مثل القطاع المالي والمصرفي بالتحديد مساحة للاجتهاد المضاعف لتحقيق الأهداف المؤسساتية والوظيفية والشخصية، وصارت ساعات العمل الطويلة والتدريب المستمر والقيام بالمهام خارج التوصيف الوظيفي لسد الكثير من الحاجات المتنامية في أماكن العمل، ديدن الحال وسمتها.
يحتاج خريجو اليوم للاستعداد الجيد والمستدام من خلال تعلم مهارات جديدة وقراءة مساراتهم الوظيفية ومستقبلها، واختبار تداخل التخصصات وبناء الخبرة في التخصص، فلم تعد سوق العمل بحاجة إلى موظفين بل إلى خبراء في تحليل البيانات و«البلوك تشين» والتسويق الرقمي وتصميم الغرافيك وإدارة المخاطر وتحليل الأسواق، أما الوظائف التي يسعى لتأسيسها القطاع المصرفي اليوم فتتنوع لتشمل المحاسبين المعززين بقدرات الذكاء الاصطناعي، والخبراء في الأمن الإلكتروني ومطوري الشفرات والمبرمجين ووكلاء الائتمان الخاص بالبيانات، وهي كلها علوم في متناول اليد من خلال مؤسسات تدريبية عالمية ومحلية موجودة في الدولة لمن يبحث عنها.
لكن كل ذلك لا يجب أن ينسي «جيل الألفا» أهمية المهارات الناعمة في رحلة البحث والتطوير والبناء في التخصص المهني، فلا يزال السوق بحاجة لسد فجوة كبيرة تتعلق بفنون الإدارة والتواصل والإقناع والتفكير النقدي والتعاون والقيادة والوعي بتعدد الثقافات والقدرة على التحليل، وهي عملية مستمرة في مسار الحياة عموماً، فالمؤهل العلمي من أهم الجامعات والمعاهد التدريبية لا يكفي، عندما يواجهنا الواقع المهني بالكثير من التحديات التي نحتاج فيها إلى ذكائنا البشري حتى نتكيف ونواصل النمو ونحقق الأهداف التي نطمح إليها في أماكن العمل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"