أزمة مهارات

03:46 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

نحن في خضم تحول للمهارات، حيث تمتلك ٢٠٪ فقط من القوى العاملة في الوقت الحالي المهارة التي تحتاجها ٦٠٪ من الوظائف التي سيتم استحداثها في العشر سنوات القادمة، فما الذي يجب أن تقوم به الشركات والمؤسسات المختلفة؟ وما الخيار الأكثر فعالية للتعامل مع أزمة نقص المهارات؟ وهي أزمة شكلتها سرعة التغير التقني التي قلّصت من صلاحية ما يملكه الموظفون حالياً من مهارات تم اكتسابها من خلال التعليم الأكاديمي والتدريب المهني وسنوات الخبرة في المجالات المختلفة.
دون شك هذه أحد التحديات التي يواجهها أي مدير تنفيذي في هذه اللحظة، وهو يقف أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما اللجوء إلى استيراد الخبرات من قطاعات مشابهة أو مختلفة محلياً وعالمياً، وإما التركيز على تطوير بيئة العمل الداخلية نفسها، والحل الأخير يحتاج إلى جهد مضاعف، لأنه يرتبط بعلاقة الأفراد أنفسهم بهذه التغيرات ومدى استجابتهم لها على المدى القصير والبعيد، ضمن منهج وظيفي شبكي فرضه العصر الرقمي، يتسم بمسارات مهنية ذات اتجاهات متعددة للفرد الواحد.
تشير تقارير منتدى الاقتصاد العالمي إلى أن ما لا يقل عن ٥٤٪ من جميع العاملين على مستوى العالم، سوف يحتاجون إلى إعادة تأهيل لمواكبة التطورات التكنولوجية، فهل تمكنت قطاعات العمل المختلفة من الاستعداد لهذا الأمر؟ هل وفرت بيئة للتوجيه والتدريب والتعليم، وهي الشروط الأساسية حتى يتمكن الموظفون من استثمار الفرص المتاحة، للمساهمة في تنمية مجتمعاتهم وتحقيق طموحاتهم الذاتية في آن؟ يؤمن الخبراء في مجال التطوير المهني بضرورة إعادة الاختراع المهني المستمر من خلال إعادة استخدام القدرات والخبرات والعلاقات، وكذلك إعادة التمحور حول التخصصات الأساسية بحيث يتم التحرك نحو المستقبل أفقياً، وليس رأسياً كما هو معتاد في السلم الوظيفي، فمثلاً يمكن للصحفيين اليوم التحرك باتجاه اكتساب مهارات في تحليل البيانات عوضاً عن التفكير في مناصب إدارية في أقسام الأخبار، ويمكن القياس على ذلك في مختلف المجالات.
قد يمثل ما يطرح اليوم من أفكار تطويرية تحدياً كبيراً، خصوصاً عندما تكون هناك ممارسات مهنية وسياق ثقافي واجتماعي وتركيب عمري، يفرض على البعض النظر بطريقة ضيقة لفرص التطوير المتاحة في مجالات العمل المختلفة مثل الصحافة والتعليم، لكن المخاطرة هنا لا تتمثل في القيام بما هو غير معتاد وسائد، وإنما في عدم القيام بأي شيء لدراسة مستقبل وظائفنا كأفراد، وتتبع فرص التمدد الأفقي وفق تركيبنا العمري وخبراتنا السابقة، فهناك احتمال كبير لأن يواجه أصحاب الخبرات الأكبر عمراً خطر الإقصاء، في مقابل هذا المد الشبابي والمتأقلم بسرعة مع المتغيرات التقنية وشروط السوق الجديدة، الذين يمثلون حتى اللحظة ١٦٪ من مجموع سكان العالم، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"