حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ١٩٧٢ يوماً عالمياً للإعلام الإنمائي أو التنموي، على أن يتوافق تاريخ هذا اليوم مع يوم الأمم المتحدة في ٢٤ أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، في مناسبة لتثقيف الناس عموماً حول قضايا التنمية، وتعبئة الموارد والإرادة السياسية في الدول؛ لمعالجة القضايا المتعلقة بهذا المفهوم، والذي يقصد منه «الإعلام الذي يهدف إلى استعمال وسائل الاتصال المختلفة عن طريق التخطيط والتنسيق الجيد لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات».
لقد ولد هذا المفهوم من خلال نظريات الاتصال المعنية بدراسة الأثر الذي تحدثه وسائل الإعلام في نهضة الشعوب وطموحاتها، من خلال تناول المتغيرات على اختلافها وعلاقتها بالحدث اليومي، ولا أدلّ على ذلك مما نعيشه اليوم من انتفاضة متتابعة لكثير من شعوب العالم على الأنظمة المقصرة في أداء واجباتها، مطالبة ب«التغيير» أكثر الكلمات انتشاراً وتردداً في منصات التواصل الاجتماعي، الحاضن الأول للحراك الشعبي في الألفية الجديدة.
أحد التعريفات التي تفصل في مفهوم الإعلام الإنمائي تشير إلى أن عناصر مثل الهدف والشمولية والواقعية والوضوح والصراحة مع الجماهير هي أساسية في هذا التخصص، وهي ذات العناصر التي لا تزال تثير جدلاً في الأوساط المختلفة، مع تراجع محورية الوسيلة الكلاسيكية كأدوات تمارس مستويات من الرقابة، مقابل عفوية القادم الرقمي وسرعته واختصاره للزمن والوقت والهيكلية، إضافة إلى تصاعد دور الجماهير؛ حيث إن العلاقة بين ثقافة الجمهور وتمدنه وبين وسائل الإعلام التنموي هي علاقة تعكس دور الجمهور الواعي والمتعلم والأكثر اتصالاً بالعالم كطرف آخر في هذه المعادلة، فكلما ترسخ الوعي وارتفع رصيد مجتمع ما من التعليم، حقق ذلك فاعلية أكبر في خدمة أهداف هذا الإعلام.
وتلعب وسائل الإعلام الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً محركاً وإيجابياً في صناعة الحراك التنموي، وقد تمت صياغة الجهود التنظيمية والتخطيطية لتهيئة عملية الانتقال بين المراحل المختلفة اجتماعياً وثقافياً ونفسياً، إلا أنه وفي ظل تصاعد سطوة المتغير الرقمي وتداخل أدوار مختلف المنصات الإلكترونية مع الأدوار الكلاسيكية المعتادة من قبل التلفزيون والإذاعة والصحيفة، وفي ظل ما سبق صار من الضروري إعادة تحديد ملامح خريطة الطريق الإعلامية وما تضمه من الأدوار والكفاءات والأدوات، بما يفتح أمام الإعلاميين الفرص والإمكانات لطرح ما يمس الفرد واحتياجاته، والوفاء بالتزاماته أمام المجتمع، ومواكبة طموحات هذا الوطن وتطلعاته العالمية.
صفية الشحي
عن الكاتب
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
