فاشينيستا ولكن

04:46 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

«الفاشينيستا» وفق معجم أكسفورد هي كلمة تطلق على مصمم الأزياء أو الشخص الذي يتبع شكلاًَ خاصاًَ يعكس صيحات الموضة السائدة، وتعود جذور الكلمة لمصطلح «فاشن» الإنجليزي، بمعنى موضة أو نمط أو زي أو شكل أو تغيير أو منزلة اجتماعية أو صياغة، وذلك حسب استخدام الكلمة والدلالات المقصودة منه.
انتشر استخدام كملة «فاشينيستا» في التسعينات وبالتحديد في ١٩٩٣، أما أول من أطلق هذه الصيحة فهي «كيارا فيراني» مصممة الأزياء الإيطالية وإحدى أشهر مدونات الموضة في العالم، ومؤخراً انتشر المصطلح - الذي يمكن ترجمته للعربية ب «موضتي»- في العالم العربي، لتحمل هذه الصفة بعض الأسماء لنساء ورجال في الكويت والسعودية والعراق كما تشير موسوعة «ويكيبيديا».
وبعد أن فصلنا في التعريف نقف الآن وقفة جادة للحديث عن أبعاد هذه الظاهرة على المؤسسة المجتمعية والرسمية، وخصوصاً أن هناك اتجاهاً مفرطاً في استخدام الكثير من الشخصيات التي تحمل هذه الصفة، للترويج لخدمات مؤسسة ما أو منتجاتها أو حتى سياساتها، وهناك تزايد في جذب هذه الفئة للمشاركة في منصات وجدت أساساً لتجمع الإعلاميين والمهنيين المتخصصين والكتاب والمثقفين، من باب «التسويق» للأحداث عبر حسابات إلكترونية يتابعها الملايين، طمعاً في سرعة الانتشار وقوة التأثير.
وفي عملية خلط المفاهيم الحاصلة خصوصاً عند الجهات المعنية بالقطاعات المختلفة تكمن المشكلة، فهناك فرق كبير بين شخصية متخصصة في الأزياء وإنتاج مقاطع الفيديو للتعريف بأساسيات وضع «الميكاب» وآخر صيحات الأزياء، والترويج للأماكن السياحية والترفيهية والمنتجات مقابل آلاف الدراهم، وبين رواد التواصل الاجتماعي والناشطين الاجتماعيين عبر الشبكة، والمؤثرين والإعلاميين.
كما أن هناك معايير مهمة لاختيار الشخص المناسب لنقل رسالة معينة تود الجهة أن تصل إلى أكبر شريحة وأهمها: الهدف المطلوب تحقيقه من هذا الاختيار، ما هي خلفية الشخص ومجال تخصصه؟ من هم متابعوه وهل سيحدث المقطع الذي سيقوم بترويجه الهدف المنشود للجهة؟ ما هو المحتوى الذي تود إيصاله وما مدى حداثته وأهميته؟ وماذا عن الزمن والمكان في المقطع الذي ينتشر عبر منصات لا يمكن التحكم بها، وخصوصاً إن كان البث مباشراً وغير خاضع للتعديل؟
وأخيراً، لا بد أن نتطرق إلى نقطة الجمهور والدروس المستفادة من تعريضه لهذه التجربة، خاصة عندما يمثل الشخص المستعان بخدماته في الترويج مساراً استهلاكياً يخالف الفكرة المراد طرحها في الحملة التسويقية، كأن يتكلم شخص يروج للمادية الصرفة عن جودة الحياة والسعادة، أو يحاضر شخص ليست له خبرة أو دراية بمفهوم القيمة الإنسانية للعلم والعمل في التواضع الظاهري في رياض الأطفال، أو أن يعرض شخص متخصص في تسويق المنتجات قائمة أسعاره مقابل التسويق لمرشحي الانتخابات الوطنية.
خلاصة كل ذلك تجدونها في سيل من النقد الذي تواجهه مثل هذه الممارسات عبر منصات التدوين الإلكتروني، وهي تعكس وعياً مجتمعياً بخلل موجود ولا بد من تداركه من قبل أصحاب القرار النهائي في الأمر، قبل أن تتحول الممارسة إلى عادة مجتمعية ومؤسساتية مقبولة، وتتصور أجيالنا القادمة من الطلبة والموظفين، أن تلك سنة حسنة، فتتبعها دون مساءلة للنتيجة على الفرد والمجتمع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"