في صالة المهاجرين

04:25 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله محمد السبب

هكذا، يشاء الله تعالى لنا أن نبقى على قيد حياة تتيح لنا استقبال عام هجري جديد (1441 ه)، ووداع عام هجري (1440 ه) مضى إلى الرفيق الأعلى مصطحباً معه قافلة من بشر من كل أقطار الدنيا.. من أولئك الرفيق الأديب الشاعر والإعلامي القدير حبيب يوسف الصايغ، رحمه الله، الذي ترجّل عن الحياة في ظهيرة يوم الثلاثاء 20 أغسطس الماضي، 19 ذي الحجة 1440 ه في العاصمة أبوظبي، بعد ألم مفاجئ ألمّ به وأسكت قلبه عن البوح بما تشتهي السفن.. كما لو أنه الأسطورة الشعرية العربية أبا الطيب المتنبي، الذي تربص به فاتك بن أبي جهل الأسدي، فقتله ببيته الشعري الشهير: (الخيل والليل والبيداء تعرفني... والسيف والرمح والقرطاس والقلم)..
هكذا أسْكتَ الموت قلب أسطورة الشعر الإماراتي حبيب الصايغ في تلك الظهيرة التاريخية، وهو صاحب الزاوية الزاهية عبر «زهرة الخليج» في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين (شمالاً جهة القلب).. كما لو أنه «رحمه الله» يترقب الموت في أي لحظة في معقل نبضه «القلب»، وهو القائل: (كيف نمشي، إذاً،/ كيف تمشي جنازاتنا؟/ كيف نكتب أسماءَنا أول العشق والانتحار؟/ وكيف نهاجر حين تضيق المنافي بنا/ أي لون لأرسم عينيك؟/ إن الغصون رمادية/ والسماوات تنأى/ وشيئاً فشيئا/ نموت/ وننسى العناوين والخطوات)..
هكذا يرحل الشاعر «حبيب الصايغ»، وهكذا تستحضر الذاكرة شيئاً من علاقة ممتدة بيننا.. منذ اللقاء الأول أواخر العام 1989 عبر معرض الفن التشكيلي، الذي جمعني به في «المجمع الثقافي» بأبوظبي بمعية الشاعر والقاص والفنان التشكيلي محمد المزروعي، ومروراً باللقاء الثاني في فرع اتحاد كُتاب وأدباء الإمارات في رأس الخيمة عام 2006؛ حيث الأمسية الثقافية التي أحياها وبمعيتها إمضاءه على كتابه الشعري «وردة الكهولة»، ووصولاً إلى العام 2009 الذي انطلقنا منه معاً إلى العام 2018 عبر مسيرة ثلاث دورات إداريات لمجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وحتى اللقاء الأخير في مساء الأحد الرمضاني 21 لسنة 1440 ه، 26 مايو 2019 مُحْتضناً فعاليات الدورة الأولى ل(معرض الكتاب الإماراتي) بمناسبة يوم الكاتب الإماراتي، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرئيس الفخري لاتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، في صبيحة الاثنين 17 سبتمبر 2018 إثر استقبال سموه مجلس إدارة اتحاد الكُتّاب المنتخب برئاسة الأديب الشاعر حبيب الصايغ.
ثلاثون عاماً من الثقة والثقافة والإبداع والأدب والأخلاق وحُسن الظن وحُسن الاختلاف بما لا يُفسِد للود قضية، ومن المعرفة والعلم والعمل التطوعي القائم على قدم وساق منذ البدء في إشاعة الثقافة الأدبية والوطنية في الزمان والمكان.
ثلاثون عاماً شهدت توافد دواوينه الشعرية تباعاً، كان آخرها أعماله الشعرية الممهورة بهمسة وطنية صافية البوح والترحاب: (العزيز بما لا يُقاس، الشاعر المبدع عبدالله السبب، معاً نسير إلى مستقبل الوطن والإبداع): حبيب الصايغ: 1/4/2012.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"