لماذا يجب أن يتوقف العنف؟

04:59 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

امرأة بين كل ثلاث تتعرض للإساءة والعنف، وذلك وفق إحصاءات الأمم المتحدة لعام ٢٠١٩، كما يتعرض نصف هذا العدد للقتل على يد أزواجهن أو أسرهن، ولا نزال حتى اللحظة نشهد حالات تدمى لها القلوب وتنكسر الأرواح؛ إذ تفقد كثيرات حياتهن بأبشع الصور الممكن تخيلها، وحتى من لحظة كتابة هذه الكلمات، أحرقت قلوبنا جريمتان مروعتان الأولى راحت ضحيتها فتاة عشرينية على يد إخوتها والعذر «الشرف»، والثانية فقدت صاحبتها عينيها أمام أعين أطفالها الصغار على يد زوجها، والعذر غير واضح حتى اللحظة، ولأن البشر بحاجة دائماً إلى طرح سؤال «ماذا فعلت حتى تستحق ذلك؟» على كل الأسئلة أن تفقد قوتها، لأن موقفاً كهذا لا يستدعي السؤال، بل يستدعي الإنكار والرفض والتجريم.
وفي كل عام تطلق الشعارات في اليوم العالمي للتوعية بمخاطر العنف ضد المرأة الذي يوافق السادس والعشرين من نوفمبر، يرافقها ارتفاع في تسجيل الحالات التي يتم التبليغ عنها ورصدها في السجلات الرسمية، أما التقدم الذي تتشدق به البشرية فقد عجز أن يحدث تغييراً جوهرياً في السلوك تجاه الآخر الذي قد يمثل، الحلقة الأضعف، لاعتبارات اجتماعية واقتصادية، هي من وضع البشر أنفسهم، بما يعكس تخلفاً غير مسبوق في تجربتنا الإنسانية عبر التاريخ.
لماذا يجب أن يتوقف العنف ضد المرأة؟ باختصار، لأن العنف لا يولد إلا العنف، ولأن العنف هو سبب رئيسي وراء تشتت الأسر وضياع الأبناء، وتفشي ظاهرة التنمر، والكثير من مظاهر وحالات الاضطراب النفسي في المجتمعات، فالمرأة المعنفة، هي مجتمع معنف والنتيجة: ظواهر اجتماعية خصائصها فقدان الثقة بالنفس، واضطرابات فكرية يتم نقلها إلى الأبناء من خلال التربية بشكل تلقائي، والمخرج أبناء معنفون أو متنمرون، أو ضعاف شخصية، وما يجره من فشل دراسي وعاطفي، أو الانجرار خلف أشخاص غير أسوياء أخلاقياً، بحثاً عن الإشباع والأمان المفقود في الأسر.
وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن شركاء الحياة هم السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة العالمية، فإن التعنيف لا يكون بالضرورة صادراً عن الرجل، فهو- وللأسف- قد يكون منبعه أخت أكبر، أم، رئيسة في العمل، أو معلمة، لذلك نحن متساوون في المسؤولية أمام هذا الاضطراب المرضي واللاإنساني واللاحضاري، كما أننا مسؤولون عن بث التوعية بيننا كأفراد بوجود أنظمة وتشريعات على مستوى الدول والمؤسسات، يمكن اللجوء إليها في حالة وقوع الضرر علينا أو على الآخرين.
ولكن لنبدأ بأنفسنا ونسأل السؤال الصعب، هل نحن شركاء في التعنيف في منازلنا وأماكن عملنا أو في أي مكان آخر؟ الإجابة عن ذلك هي فصل، في أن تنعم مجتمعاتنا بالأمن والسعادة والتي أساسها أمن وسعادة الفرد قبل أي شيء آخر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"