عادي

اندلاع حرب البلقان الأولى.. والنهاية «معاهدة لندن»

01:56 صباحا
قراءة دقيقتين
إعداد: عبير حسين

تقلب ذاكرة اليوم صفحة جديدة من صفحات المعارك الكبرى التي شكلت الخريطة السياسية لعالمنا المعاصر؛ إذ يصادف مثل هذا اليوم من العام 1913 إعلان مملكة الجبل الأسود الحرب على الدولة العثمانية، واندلاع حرب البلقان الأولى والتي انتهت في العام التالي بتوقيع «معاهدة لندن»، والتي خسرت بموجبها الدولة العثمانية النسبة الكبرى من أراضيها في أوروبا.
نشبت حرب البلقان الأولى بين الدولة العثمانية ودول اتحاد البلقان: بلغاريا وصربيا واليونان والجبل الأسود، التي لم تقنع بانتصارها الكبير على العثمانيين، واستعادة مساحات واسعة من الأراضي الأوروبية كانت واقعة تحت سيطرتها، فنشبت حرب البلقان الثانية بسبب عدم رضا بلغاريا عن التسوية النهائية للحدود بينها وبين صربيا واليونان التي أقرتها «معاهدة لندن»، فهاجمت بلغاريا الدولتين، ثم دخلت الدولة العثمانية ورومانيا والجبل الأسود الحرب ضدها فاشتعلت البلقان الثانية.
قبل نشوب الحرب كانت القدرات العسكرية العثمانية معطلة بسبب الصراعات الداخلية الناجمة عن ثورة تركيا الفتاة والانقلابات المضادة لها، وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لإعادة تنظيم الجيش، فإن نتائجها لم تساعد العثمانيين على الصمود في معارك حرب البلقان الأولى. وفي حين كانت وحدات الجيش النظامي ذات تدريب وتجهيز وتسليح جيد، افتقدت وحدات الاحتياط، خاصة المدفعية، كل عوامل الجاهزية. ورغم تضافر عدة عوامل كانت سبباً وراء خسارة الدولة العثمانية للحرب، فإن أهم الأسباب كانت ضعف شبكة النقل لديها؛ إذ لم تمتلك سككاً حديدية متطورة تمكنها من نقل الجنود وتنفيذ التعبئة على نحو سريع وحاسم، حتى الجنود الذين نقلوا من الشام لم تنجح عمليات نقلهم إلى أرض المعارك في أوروبا؛ بسبب سيطرة البحرية اليونانية على الملاحة في بحر إيجه، وتعذر نقلهم براً حتى البلقان. امتلكت بلغاريا الجيش الأقوى بين دول اتحاد البلقان والأكثر تنظيماً، ولعبت فرق المشاة والمدفعية الدور الأهم في هزيمة العثمانيين. وقدمت العسكرية الصربية أفضل أداء لها في جميع الحروب التي شاركت بها في القرن العشرين، ورغم أن العسكرية اليونانية كانت هي الأضعف بين الجيوش المتحاربة، فإنها تفوقت على الجميع بامتلاكها أسطولاً بحرياً يضم قطعاً ضخمة منها 8 مدمرات كانت حديثة البناء، وكانت الدولة الوحيدة القادرة على منع وصول التعزيزات العثمانية بحراً من آسيا إلى أوروبا.
أنهت «معاهدة لندن» 1913 حرب البلقان الأولى بعد تنازل الدولة العثمانية عن جميع الأراضي الواقعة غرب خط إينوس ميدا لدول اتحاد البلقان، كما أعلنت المعاهدة قيام دولة ألبانيا المستقلة. وظلت الخلافات البلغارية مع صربيا بشأن تقسيم شمال مقدونيا، ومع اليونان على جنوب مقدونيا، الأمر الذي دفع بلغاريا لتسوية الخلافات بالقوة ومهاجمة كل من اليونان وصربيا ونشوب حرب البلقان الثانية نهاية العام نفسه، والتي انتهت بتوقيع «اتفاقية بوخارست» وبعدها استعانت بلغاريا بالنمسا للضغط على صربيا لإعادة الأراضي التي منحت لها بموجب الاتفاقية، وكان ذلك أحد الأسباب المباشرة التي دفعت صربياً لاغتيال ولي عهد النمسا، وكانت شرارة اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"