«إسرائيل» وقوى الشر

04:50 صباحا
قراءة 3 دقائق

سلطان حميد الجسمي

لا بد أن ندرك اليوم أن المشروع الصهيوني لم يتمدد إلا بمساعدة قوى الشر والعملاء ذوي النفوذ المنتشرين في العالم، ف «إسرائيل» لا تدخل الحروب والمؤامرات لوحدها، لأنها ستفشل في الأغلب كما فشلت من قبل في العديد منها، وإذا رجعنا إلى تاريخ 1954 وبالذات إلى فضيحة «لافون»، وهي العملية السرية «الإسرائيلية» التي كانت من المفترض أن تكون على الأراضي المصرية ضد أهداف مصرية وأمريكية وبريطانية، لكن هذه العملية سرعان ما اكتشفها الأمن المصري، وقد سميت الفضيحة باسم «فضيحة لافون» نسبة إلى وزير الحرب «الإسرائيلي» آنذاك بنحاس لافون الذي اتهم بإعطاء الأوامر لتنفيذ العملية، وهذا مثال من أمثلة كثيرة على العمليات التي فشلت فيها «إسرائيل»، ولن تنسى «إسرائيل» هزيمتها المريرة في حرب أكتوبر المجيدة 1973.
ولكن بفضل التعاون الكبير بين «الإسرائيليين» والدوائر الاستعمارية وعملائهم في العالم وبسبب العوامل التي ضربت الشرق الأوسط وبالأخص ما يسمى ب «الربيع العربي» والدمار الذي أصاب كثيراً من الدول العربية جعل من حلم المشروع الصهيوني ينتعش، فبفضل الفوضى اليوم التي يعاني منها الشرق الأوسط الذي يعيش النزاعات والصراعات الداخلية والحروب فإن «الإسرائيليين» يجنون الثمار، ويحتفون بتمدد مشروعهم.
إن أكبر مستفيد مما يسمى «الربيع العربي» هو «إسرائيل»، فتبعات هذا الربيع الحارق هو سقوط أنظمة وجيوش وأجهزة أمنية واشتعال الحروب وظهور التنظيمات المتطرفة وتشتيت العائلات وتهجير النساء والأطفال وحرمانهم من حقوقهم وبالأخص التعليم، فينشأ هؤلاء الأطفال أميّين أو دون تعليم كاف، فتفقد هذه الدول شبابها، والمستفيد من هذه الخسائر الكبيرة هو العدو «الإسرائيلي»، الذي لم يكن يحلم بأن يجني من الربيع الحارق هذه المكاسب.
لا تزال «إسرائيل» تحتل مناطق عربية في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان السورية ومرتفعات كفرشوبا اللبنانية، إضافة إلى فلسطين ذاتها، كما تواصل بث مخابراتها وأجهزتها التخريبية في معظم الدول العربية، وتطلق تهديداتها هنا وهناك بهدف إثارة الاضطرابات وزعزعة الأمن. وهذه كلها تصب في هدف تعزيز المشروع «الاسرائيلي» التوسعي في الشرق الأوسط وضرب الأمن والسلام في دول المنطقة. وإذا تأملنا الأحداث اليوم في سوريا فإن «إسرائيل» تلعب دوراً مهمّاً في تأجيج الحرب وفرض السيطرة على بعض المناطق في سوريا من خلال بعض التنظيمات الإرهابية، ومن حين إلى آخر تنفذ القوات «الإسرائيلية» اعتداءات على الأراضي السورية.
المشروع «الإسرائيلي» مستمر في الشرق الأوسط، ويقوم على تواصل الاستيطان والتهويد ورفض كل الحلول السياسية التي تعطي بعض الحقوق إلى الفلسطينيين، وعدم تمكين الشعب الفلسطيني من قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وضمن استراتيجية «إسرائيل» أيضاً السيطرة على الاقتصاد، ومنها تستطيع فرض التطبيع مع بعض الدول العربية والتغاضي عن جرائمها، وإقامة شراكات بعيدة المدى معها، متخذة من الاقتصاد وسيلة للسيطرة والضغط.
إن المشروع «الإسرائيلي» بدأ منذ عقود بالمؤامرات والتدخلات وتهجير الشعب الفلسطيني والعمليات الإرهابية واحتلال الأراضي الفلسطينية والعربية، واليوم تلعب دوراً هداماً في العالم والشرق الأوسط، وهي تحظى للأسف بثقة ودعم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى، وتناسى المجتمع الدولي حقوق الإنسان واحترام الشرعية الدولية والقرارات التي صدرت عنها بخصوص الحقوق الفلسطينية، واستغلت «إسرائيل» القوة الناعمة للتسلل إلى بعض دول العالم وخصوصاً في إفريقيا والترويج لنفسها كدولة ديمقراطية تقدم الدعم للدول المحتاجة وهذه القوة الناعمة لا يمكن محاربتها إلا بقوة ناعمة تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني وتكشف زيف دعاية العدو الصهيوني.
إن أزمة المنطقة تعود في سببها الرئيسي إلى قيام دولة «إسرائيل» على الأراضي الفلسطينية كي تكون حاجزاً بين مشرق الوطن العربي ومغربه، وتحول دون توحد الأمة العربية وتظل عامل عدم استقرار في المنطقة وتستنزف قدراتها وتؤمن المصالح الغربية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"