«عام الخير».. قيادة حكيمة وشعب كريم

03:19 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي
تُقاس قيمة الأمم بالإنجازات التي تقدمها للبشرية، ومدى إيجابيتها في خدمة المجتمعات الإنسانية ونشر السعادة فيها، والحد من المشكلات العالمية، كالفقر والعوز والجهل والأمراض وغيرها، وإسهاماتها في تحقيق التنمية الاقتصادية، ودعم الأنشطة الإنسانية والإغاثية والإنمائية، التي ترسم البسمة على الشفاه المحرومة، وتعيد السرور إلى حياة أصحاب الدخل المحدود والضعيف، وضحايا الحروب والنزاعات والكوارث من الذين ضاقت بهم سبل المعيشة، وصبغت حياتهم بصبغة الألم والمعاناة. ولدولة الإمارات العربية المتحدة تاريخ عريق في العمل الإنساني والإغاثي داخل الدولة وخارجها، وهي تمتلك سجلاً ناصعاً جديراً بالتقدير.
بدأ الموروث الإنساني في دولة الإمارات منذ قيامها على يد الأب المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رمز الخير والإنسانية، وصاحب الأيادي البيضاء الحانية، والإنجازات الإنسانية التي لا ينساها العالم، فلطالما قدم المعونات والمساعدات والدعم لفقراء العالم وشعوبه، وله بصمات مضيئة في كل مكان، حيث نقشت اسم الإمارات في قلوب دول وشعوب كثيرة، وأكمل المسيرة الإنسانية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فكان خير خلف لخير سلف، وأصبحت دولة الإمارات مساهِمة رئيسية في العمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم، وشريكة فاعلة في التضامن مع المجتمع الدولي لتخفيف آلام الإنسان، وفتح نوافذ أمل جديدة، وتبوأت خلال سنوات قليلة المرتبة الأولى عالمياً كأكبر مانح للمساعدات الإنمائية الرسمية.
وجاء عام 2017، وجاءت معه مبادرة «عام الخير» التي أطلقتها دولة الإمارات، والتي تعتبر مبادرة نوعية خلاقة بكل المقاييس، من شأنها أن تدفع عجلة العمل الإنساني محلياً وخارجياً، وتنشر السعادة في الأرواح، سواء الأرواح التي تسهم في العمل الإنساني، فتحس بمتعة البذل والعطاء أو تلك الأرواح التي تتلقى الدعم وتستفيد، فتخفف معاناتها، ويرتفع رصيدها في العيش الكريم، ذلك الذي يتواكب مع صنع الأفكار الجديدة المبتكرة التي تجعل لمبادرات عام الخير رونقاً خاصاً، تلتقي فيه العاطفة مع العقل، والشعور مع الفكر، والوجدانيات مع الابتكار والمعرفة. فمبادرة «بنك الإمارات للطعام» التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، هي مبادرة إبداعية مبتكرة مليئة بالحس العميق بالإنسان، للتغلب على مشكلة الجوع وتداعياته، والتي تواجها المناطق الفقيرة والمنكوبة في العالم، وهكذا هي المبادرات في دولة الإمارات، مبادرات خير تجعل إسعاد الإنسان وتخفيف المعاناة عنه في رأس الأولويات.
وتسعى مبادرة «عام الخير» لتحقيق أهداف مهمة، ترمي إلى تعزيز المشاركة الإيجابية والجهود التعاونية في الميدان الخيري التطوعي، من قبل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات الخيرية والنفع العام والجهات المانحة والمواطنين والمقيمين، والمساهمة من قبل الجميع لخلق فرص التطوع على النحو الأمثل في مجالات الحياة الكثيرة، لنشر السعادة في «عام الخير».
كثيرة ومتنوعة هي فرص التطوع في داخل الدولة وخارجها، ابتداء من علاقة الإنسان مع أسرته وأولاده، مروراً بالحي والشارع والوظيفة والأصدقاء والزملاء ومسارات الحياة المختلفة، وهي تحتاج من الإنسان الشعور بالغير، والخروج من سجن الاهتمامات الذاتية القاصرة والانطواء على الذات إلى رحاب الإنسانية الفسيحة، فيعين هذا الشخص، ويدخل البسمة على آخر، ويستقبل نفثة مهموم، ويدلي برأي لصديق محتار، ويشارك الناس في مناسبات الفرح والحزن، ويساعد المحتاجين معنوياً ومادياً، فيكون نسمة عطرة أينما حل، فاحت رائحته الزكية، وشجرة مثمرة، من آوى إليها استفاد من ثمرها وظلها، ومعيناً زلالاً للسعادة، إذا اغترف منها المهموم ارتوى.
وشعب دولة الإمارات شعب كريم، تأصل على النجدة وتقديم العون وإغاثة الملهوف والكرم العربي الأصيل، ومعروف بأياديه البيضاء السخية في المبادرات الإنسانية، وهو سبَّاق دائماً لدعم المبادرات الإنسانية التي أطلقتها الدولة لإغاثة المحتاجين في سوريا واليمن وفلسطين ولبنان والعراق وغيرها.
وتزداد أهمية مبادرات الخير في العالم اليوم، مع تفاقم المعاناة الإنسانية، بسبب الحروب والتنظيمات الإرهابية وتقاطع مصالح القوى الكبرى التي تحد من مكافحة عوامل الحرب والإرهاب، والتي أفرزت أوضاعاً إنسانية متدهورة، فهناك الآلاف من النازحين والمهجرين الذين يبيتون اليوم في العراء، ويصارعون البرد والمرض ونقص الغذاء والدواء، من الأطفال والنساء والمسنين والعجزة، والواجب الإنساني يحتم على دول العالم وشعوبه التضامن لتخفيف معاناة هؤلاء، وتوفير السقف الأدنى من الحياة الكريمة لهم، أملاً في انتهاء معاناتهم.
إن الإسلام حث على الخير، ومساندة المحتاج، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو جنسه، وأخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أن في كل كبد رطبة أجر، ودخلت امرأة الجنة لأنها سقت حيواناً اشتد به العطش. فالإسلام والعمل الخيري مرتبطان كارتباط الروح بالجسد.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"