أزمة «بريكست» المزدوجة

02:00 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يتبارى المرشحون من حزب المحافظين البريطاني لخلافة رئيسة الوزراء المستقيلة تيريزا ماي في تقديم العروض؛ من أجل تنفيذ الخروج من الاتحاد الأوروبي، فالمرشح الأوفر حظاً وزير الخارجية السابق بوريس جونسون يرفض دفع «فاتورة انفصال» تبلغ قيمتها 39 مليار جنيه استرليني ما لم تعرض بروكسل شروطاً أفضل للخروج، فيما يعلن وزير الخارجية الحالي جيريمي هانت خطة تشمل تخصيص مليارات الجنيهات الاسترلينية؛ لتخفيف تأثيرات احتمال الخروج من دون اتفاق.
وسط هذا التنافس ترزح بريطانيا تحت عبء هذه المعركة غير المعلومة النتائج، في الوقت الذي يؤكد فيه وزير المال فيليب هاموند أن لندن لا يمكنها تحمل تكاليف باهظة، ويحث على ضرورة التوافق على خروج منظم يجنب المملكة المتحدة خسائر مالية جسيمة، في ظل تشدد أوروبي يرفض تقديم أي تنازلات للجانب البريطاني. وبسبب طول مدى التجاذب والمفاوضات بين الطرفين، أصبح هناك الكثير من الحركات «الاستفزازية»، التي تؤثر في سير المحادثات. فعند بدء أولى جلسات البرلمان الأوروبي، بعد الانتخابات الأخيرة، أدار النواب البريطانيون، وعلى رأسهم رئيس حزب «بريكست» نايل فراج، ظهورهم أثناء عزف النشيد الوطني للاتحاد الأوروبي. ورغم رمزيتها الاحتجاجية، إلا أنها توحي لأنصار الاتحاد بدلالة ازدراء من الطرف البريطاني، الذي يصر على «بريكست»، ويضع الشروط؛ لتأمين تنفيذه، وهو ما سيدفع لظهور مواقف معاكسة من شأنها أن تضع مزيداً من العراقيل بين لندن وبروكسل.
منذ أشهر عدة كان «بريكست» محور أزمة متعددة الرؤوس في بريطانيا، فقد فشلت ماي في تمرير كل خططها في البرلمان، واضطرت لاحقاً إلى الاستقالة والالتحاق بسلفها السابق ديفيد كاميرون، الذي استقال فور صدور نتائج استفتاء الخروج عام 2016. وليس من المتوقع أن يجد البريطانيون حلاً سحرياً؛ لتنفيذ الخروج دون ثمن. ومن سيأتي بعد ماي، سواء جونسون أو هانت، لن يجد الطريق ممهدة، وربما لن يحتفظ طويلاً بالمنصب؛ لأن الخلاف داخل بريطانيا بين من يريدون الخروج باتفاق ومن لا يريدونه وبين من يرفضونه أصلاً. ومن هذا المنطلق، ستظل المعركة مستعرة إلى مدى غير معلوم، وقد تصل إلى طريق مسدود، تضطر فيه بريطانيا إلى الخروج تحت الضغط.
في الجانب الأوروبي أيضاً هناك خلافات، بين من يريد أن «يعاقب» بريطانيا بكلفة اقتصادية عالية؛ ثمناً لخروجها من دون اتفاق، ومن يريد أن يتحقق الخروج بالتوافق. ومؤخراً ذكرت تقارير أن أغلب حكومات الاتحاد الأوروبي لا ترى مانعاً في منح لندن تأجيلاً آخر للخروج من الاتحاد الأوروبي، بغض النظر عن شخص رئيس الوزراء البريطاني المقبل. كما هناك من يراهن على فشل الخروج وحدوث أمر ما يستحيل معه تنفيذ «بريكست» لمصلحة بقاء بريطانيا ضمن التكتل الأوروبي. وبذلك تكون أزمة «بريكست» مزدوجة، في بريطانيا؛ حيث لم ترسُ النخب على طريقة مثلى، وفي الضفة الأخرى؛ حيث هناك رهانات متضاربة وحسابات لا تطفو بسهولة على السطح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"