إلى أين ..؟

04:20 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعزيز المقالح

نعم، إلى أين تمضى الأحداث بأقطارنا العربية؟ وهي أحداث لم يسبق لها مثيل لا في هذه الأقطار ولا في أقطار أخرى، فقد نجح التخلف المريع في إغلاق كل المنافذ المؤدية إلى التجاوز والانطلاق. وهذه الإشارات لا تعني بحال من الأحوال الاستسلام والرضوخ للأمر الواقع بقدر ما تستدعي حالة من الاستجابة الواعية. وليس أمام أقطارنا العربية وقد حدث ما حدث إلاَّ أن تقاوم وتستنهض كل ما تبقى في جذورها من قوة الممانعة والتحدي، فلا شيء يساعد هذه الأقطار من خارجها هكذا تقول الحقيقة وتؤكدها الحاجة إلى التغيير والانطلاق بعيداً عن حالة العجز الراهنة وما تفرضه من رضوخ واستسلام للعجز.
إن مشكلة أقطارنا العربية أنها أقطار متعددة متفرقة وليست قطراً واحداً ولا يتم التنسيق فيما بينها في القضايا الرئيسية وفيما يتعلق بالاتجاه المستقبلي.
وإذا ما استمرت الحال على ما هي عليه فلا أمل في أي تغيير أو تحول وستظل أقطارنا، يراوح كل قطر في مكانه وحول مشكلاته التي تتزايد يوماً بعد يوم.
وحتى تلك الأقطار التي كانت قد شهدت بعض النهوض الجزئي كالجزائر مثلاً فقد عادت تعيش الإرباك نفسه.
وسأقول وأكرر القول إن معالجة كل قطر للمشكلات على حدة لن تؤدي إلاَّ إلى مزيد من هذه المشكلات، فهل آن لهذه الأقطار أن تدرك حقيقة معاناتها وتنتقل من المراوحة إلى التقدم ولو التقدم البطيء؟ وسبق لي أن ألمحت في هذه الإشارات إلى أن شعوباً أخرى كانت تعاني ربما ما تعانيه أقطارنا لكنها بحكمة قيادتها وقواها المنظمة تمكنت من تجاوز معاناتها وصارت في مقدمة الدول العابرة نحو المستقبل المنشود، وهي بذلك تشكل نموذجاً يمكن الاقتداء به إذا صدق التوجه وأحسنت القيادات الاختيار فلا شيء يمكن أن يعوق التطور مثل الاستسلام للأمر الواقع وما يفرضه من مقتضيات سلبية. ومن المؤكد أن أي تحول لن يحدث ما دامت هذه الأقطار في حالة من التفكك والتفتت.
والخطوة الأولى في هذا المجال تبدأ من تقليم حدة الأقلمة والاعتراف بأن هذه الأقطار ليست سوى أجزاء من منظومة عربية واحدة باتجاه الحركة العربية المشتركة التي تؤمن بمعنى الوحدة ومصداقية التوجه نحوها.
إن مشاكلنا معروفة وشديدة الوضوح، لكن توجهنا هو المنقوص والعاثر، وبدون الانطلاق من الجذور والإيمان بحقيقة الوحدة فكل جهد سيكون مُعرضاً للتبديد وقد قيل إن من عُرف داؤه. عُرف دواؤه. وداؤنا معروف ودواؤنا معروف أيضاً، وما ينقصنا هو الالتزام بما تفرضه المعرفة وما يتطلبه التغيير العاجل من الإسراع في لملمة الصفوف وتجاوز الواقع بمعاناته وإشكالياته.
ولا خير في معرفة لا تتحول أبعادها إلى واقع جديد ومتغير. هذا بعض ما تقوله حقائق الواقع في شعوب ليست بعيدة عن أقطارنا وإلاَّ ستظل أقطارنا كما سبقت الإشارة أكثر من مرة تراوح في مكانها عاجزة عن الاستجابة لما يتطلبه أمر التغيير ويفرضه التوجه نحو المستقبل المطلوب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"