ابتزاز «إسرائيلي» لفرنسا

02:56 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

هناك وهم مازال يسيطر على دولة الاحتلال في فلسطين، هو أنها «دولة» فوق النقد والإدانة، وأن كل ما تفعله يجب أن يباركه الجميع، ولا يعترضون عليه بفعل، أو قول. ولكن الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً، بدليل المواقف الدولية الشاجبة لسياساتها المنافية للقيم، والأخلاق، والقانون الإنساني، وآخرها تصريح السفير الفرنسي السابق في واشنطن، جيرار آرود، الذي نطق بما يمليه الضمير حين أكد أن ««إسرائيل» دولة فصل عنصري».
هذا الموقف الفرنسي الشجاع لم تستطع «إسرائيل» استيعابه، وسعت إلى قطع الطريق على تداعياته، فاستدعت السفيرة الفرنسية لديها، هيلين لو غال، لتبليغها «توبيخاً» لباريس. وأفرد إعلام الاحتلال مساحة واسعة للتعليق على «التوبيخ»، وليس عن سببه، والغاية هي «تهديد» أي مسؤول غربي يبادر إلى انتقاد «إسرائيل»، أو يفكر في توجيه اللوم لها عما تقترفه من انتهاكات وجرائم بحق الشعب الفلسطيني في أرضه المحتلة. فقد ظلت «إسرائيل» تعتمد شتى الوسائل لتكميم أفواه بعض المسؤولين في الغرب، ومن يتجاوز «الخطوط الحمراء» تشهر في وجهه ورقة «معاداة السامية»، أو «الهولوكوست»، ومن كان حظه حسناً يتم توريطه في «قضية أخلاقية» حتى يكون عبرة لغيره.
في هذا السياق، يمكن فهم «التوبيخ» الموجه إلى فرنسا باعتبارها «دولة عظمى»، وتتعمد السياسة «الإسرائيلية» الجرأة على الكبار حتى ترتدع الدول الصغرى. ولكن من سوء حظها أن سياسة «الترهيب» هذه لم تعد تجدي، ولن تستطيع حجب واقع الاحتلال والخطط الجارية لتصفية الشعب الفلسطيني، وقضيته، وهذه الحقيقة صدح بها السفير الفرنسي السابق في الولايات المتحدة، فمن هناك يستطيع معرفة كل شيء، ويعرف ما يدور في دولة الاحتلال، طالما أن السياسات التي تنتهجها «إسرائيل» يتم طبخها وتحضيرها في واشنطن، ومنها «خطة التسوية» الجديدة التي يجري تسويقها بالتهديد والابتزاز والمساومة. وعن هذه الخطة قال جيرار آرود، إنها «قريبة جداً لما يريده «الإسرائيليون»».
وقبل ثلاث سنوات عقدت باريس مؤتمراً دولياً دعا إلى وقف الاستيطان وصدر قرار ملزم بذلك من مجلس الأمن، ولكن مجيء الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض نسف كل المقررات، وطفق يخطط مع رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لسلب كل شيء. والمشكلة التي تواجه الرجلين أن العالم المتحضر ما زالت فيه ضمائر تستطيع أن تقاوم هذا التوجه المدمر. ولم يكن السفير الفرنسي وحده من رفع صوته . فقبل ذلك نددت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بالاستقطاع «الإسرائيلي» من المخصصات المالية للسلطة الفلسطينية، كما رفضت بشدة تهويد القدس والجولان. وتترجم هذه المواقف انحيازاً فرنسياً لقضية عادلة. وفي هذه المرحلة لا يطلب الفلسطينيون أكثر من ذلك. أما «إسرائيل» فتريد الصمت للجميع، وهو ما لن يكون.

chouaibmeftah@gmail.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"