الاحتلال يستعد لجولة حاسمة

04:25 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

انتهت جولة التصعيد الأخيرة بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة في غزة إلى حيث انتهت جولات التصعيد السابقة؛ أي بالعودة إلى تفاهمات التهدئة ونقل الأموال القطرية، وزيادة مساحة الصيد البحري، والكف عن استهداف المدنيين في مسيرات العودة.
السلطات «الإسرائيلية» سبق وأن حذرت من موجة تصعيد جديدة بزعم أن «حركة الجهاد» تعد لها؛ لأنها على ما يبدو لا تهتم بالتفاهمات؛ لأن الاحتلال لا يلتزم بها. الملاحظ هو أن جولات التصعيد وتبادل القصف تحدث دوماً عندما يكون الوسيط المصري موجوداً في تل أبيب، أو غزة، كما حدث في جولات سابقة، حيث يطلب الطرفان وساطة الوفد الأمني المصري لإنهاء القتال، لكن في المرة الأخيرة شعر «الإسرائيليون» بأن حركة الجهاد تعد لعملية كبيرة على الحدود، وترصد المواقع الاحتلالية بأوامر من قائدها زياد النخالة، فطلبت من مصر تهدئة الأجواء فاستدعت مصر كلاً من قائد حماس يحيى السنوار، والنخالة إلى القاهرة.
وفي يوم الجمعة الفائت، قنص عناصر من الجهاد جنوداً «إسرائيليين» رداً على استشهاد عدد من المشاركين في مسيرة العودة، ما أدى إلى سجال متبادل في القصف.
بالطبع أبلغ السنوار والنخالة المصريين أن الاحتلال تراجع عن التفاهمات ولم يلتزم بها كعادته، من هنا جاء التصعيد أكثر عنفاً، بينما نتنياهو يكابد مع أحزاب اليمين من حلفائه لإنقاذ نفسه وحشد أغلبية في الكنيست تتيح له النجاة من أية ملاحقة قضائية في انتظاره بتهم الفساد.
اختارت حماس والجهاد لحظة حرجة لنتنياهو وهي احتفال الكيان بذكرى النكبة الفلسطينية، أو ما يسمونه «الاستقلال» ومهرجان الأغنية الأوروبية (يورو فيجن)، الذي يقام لأول مرة في الكيان، وهذا يعني إلغاء الاحتفالات كلياً، ما يحرج نتنياهو أمام حلفائه المتعطشين للدم والقتل، لذلك اختار التصعيد ثم التهدئة، وحاول لوم قطر؛ لأنها لم ترسل أموالاً لحماس طبقاً للتفاهمات السابقة.
ويبدو أن هناك توافقاً بين حماس وقطر على ضرورة منح حركة حماس تسهيلات على المعابر لنقل البضائع، ما يتيح لحماس استيفاء رسوم جمركية مباشرة بدلاً من السلطة الفلسطينية، وهو ما يوفر لها مصدر دخل دائماً ويمنحها استقلالية مالية عن السلطة في إدارة غزة.
أغلب التحليلات تذهب إلى أن جولة القتال لم تنتهِ بعد، وأن الشهر المقبل وما بعده سيشهد جولة أعنف يستعد لها الجيش الاحتلالي تكون برية أيضاً، بحيث يتم خلالها إنهاك حماس والجهاد عسكرياً، وإضعافهما لدرجة عدم قدرتهما على تهديد جيش الاحتلال ومستوطناته المحاذية لغزة.
فالتحليلات المبكرة أشارت إلى أن نتنياهو بحث مع رئاسة أركان جيشه عن سبل إنهاء جولة التصعيد الحالية، وكسب المزيد من الوقت حتى موعد انطلاق مهرجان الأغنية وبعدها يُبدي رئيس الأركان استعداده لجولة أخرى في الشهرين المقبلين.
وقد اعترف الإعلام «الإسرائيلي» بأن نتنياهو ماطل في تنفيذ التفاهمات السابقة وتكاسل في منح التسهيلات على المعابر وإدخال الأموال القطرية، ما جعل الوضع في غزة أكثر توتراً، لكن عندما صعد الاحتلال من عملياته وبدأ في سياسة الاغتيالات، وقصف مقراً لكتائب القسام، واغتال أحد قادته وقادة من الجهاد، جعل حماس تفكر في التصعيد وتوسيع دائرة القصف، مما حمل الأطراف على بحث العودة إلى التهدئة، وهنا التقت مصالح الطرفين في العودة إلى الهدوء مقابل التسهيلات؛ لأن الطرفين غير مستعدين للتصعيد الخطير. لكن السؤال هل سيفي نتنياهو بتعهداته أم إنه كما ذكرنا يستعد لجولة جديدة كما يرجح الكثيرون، لكن بعد أن يتلقى الضوء الأخضر من جيشه بأنه مستعد لجولة أخرى أكثر عنفاً.
وحتى انقشاع غبار الجولة الأخيرة يبدو أن الوضع مهيأ لمزيد من المفاجآت، خاصة مع ارتفاع حدة التوتر بين واشنطن وطهران، واحتمال طرح «صفقة القرن» التي ستزيد الوضع تعقيداً، وتهدد بتفجير شامل طالما أنها ستكون على شكل فرض إملاءات على الفلسطينيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"