الاقتصاد غير النقدي

03:02 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي

الاتجاه العام العالمي ينزع إلى تفعيل السياسات الرامية إلى تحقيق الشمول المالي وإتاحة الخدمات المالية لأكبر عدد من المواطنين، عبر الدفع بعملية الانتقال من الاقتصاد النقدي لما يمثله من مضار على جهود التنمية الاقتصادية تتمثل في تشجيع نمو القطاع غير الرسمي، وعدم استفادة الوحدات الاقتصادية من آليات التمويل المتاحة، وتشجيع التهرب الضريبي، وعدم استفادة محدودي الدخل من الخدمات المالية والمصرفية الحديثة. وضعف الثقافة الادخارية والاستثمارية، وتيسير غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتجارة المخدرات وغيرها من الأنشطة غير المشروعة. إلى الاقتصاد الذي يعتمد على المدفوعات المصرفية والإلكترونية الذي يشجع دخول الأنشطة غير الرسمية في القطاع الرسمي، ويحد من التهرب الجمركي والضريبي ويسهم في زيادة معدلات الشمول المالي وإتاحة الخدمات المالية لكل فئات وطبقات الشعب وتحسين كفاءة النظام المالي، ولما يؤدي إليه ذلك من مراعاة المعايير المالية التي اهتمت الجهات الرقابية العالمية والمنظمات الدولية بوضعها خلال العقدين الماضيين، من خلال إضفاء المزيد من الشفافية والكفاءة ومكافحة التهرب الضريبي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب مثل التوصيات الأربعين للجنة مكافحة غسل لأموال «فاتف» FATF الصادرة عام 1990 والتي تم إضافة ثماني توصيات أخرى إليها عام 2001، وتوصية تاسعة في عام 2004 للتعامل مع تمويل الإرهاب. باعتبار أن الجرائم المالية المنظمة تمثل تهديداً مباشراً للاستقرار والأمن العالميين. ومن هنا فإن العمل على تيسير المعاملات المصرفية وتسهيل آليات فتح الحسابات وإجراء المدفوعات الإلكتروتية، يجب أن يكون متسقاً ومتوافقاً مع الحفاظ على الضوابط الرقابية التي تسعى لحماية الاقتصاديين العالمي والوطني من هذه الممارسات الخطرة. وقد ارتكزت محاولات التحوّل إلى الاقتصاد غير النقدي في العالم على العمل على التطور في مجال تقديم الخدمات المالية المتنقلة Mobile Financial Services MFS ويمكن تقسيم تلك المحاولات إلى نوعين اثنين: أولهما تقديم خدمات مصرفية عبر الهاتف المحمول، وثانيهما تقديم خدمات مالية عبر الهاتف المحمول.
وتعد تطبيقات الهاتف المحمول البنكية في البرازيل من أفضل التطبيقات في العالم في هذا المجال، حيث أصبح هذا النوع من التطبيقات البنكية يتضمن ما يقرب من ثلث التعاملات البنكية ؛ فهي تشكل 21% من أصل 51 مليار معاملة بنكية قام بها أكبر 17 مؤسسة مصرفية في البرازيل، بينما كانت تشكل 1% من تلك المعاملات عام 2012. ويعد بنك أتاو اكبر البنوك في البرازيل وأمريكا اللاتينية، وقد قام بتطبيق احد نماذج التشغيل الأكثر ابتكاراً في مجال الخدمات الرقمية وقام بالتعاقد مع احدى الشركات الأمريكية الرائدة في مجال التطبيقات الهاتفية لتكون الجهة المسؤولة عن التطبيقات الهاتفية المستخدمة في تقديم خدمات البنك عبر الهاتف المحمول في إشارة إلى الاتجاه العام في البرازيل للاستثمار في تطوير تكنولوجيا المعلومات في القطاع البنكي، حيث تحتل الموقع السابع في العالم قياساً على النسبة التي تمثلها تلك الاستثمارات من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي للبرازيل. وخدمات البنك وإن كانت لا تختلف في مضمونها عن الخدمات التي تقدمها بنوك أخرى في العالم إلا أن الفرق الأساسي يكمن في اهتمامه بالتكنولوجيا المستخدمة لتقديم تلك الخدمات سيما المتعلقة بتخفيف المخاطر التي تهدد الأمن السيبراني، إلا أنه لم يستطع التوسع ليشمل منخفضي الدخل، حيث تعتمد خدماته بشكل أساسي على قدرتهم على امتلاك هواتف ذكية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"