السلطان قابوس النوخذا الكبير ورجل الدولة والتعمير

04:14 صباحا
قراءة 3 دقائق
عبدالغفار حسين
اسم قابوس ردف كل عظيم
                           لم تنافسه في العلا الأسماء
محمد بن راشد

ابتهج العمانيون كثيراً لسماعهم خبر سلامة سلطانهم الكبير، جلالة السلطان قابوس بن سعيد من الوعكة الصحية التي ألمت به، وزاد ابتهاجهم أن رأوه على شاشة التلفاز، وهو يتحدث إليهم ويهنئهم بمناسبة اليوم الوطني الرابع والأربعين لسلطنة عمان .
والحقيقة أن المخضرمين من أهل عمان، هذا البلد العريق بتاريخه يدركون مدى ما للسلطان قابوس من أياد مليئة بالعطاء السخي لبلده وشعبه منذ أن تولى قيادة عمان عام 1970 .
وكانت عمان رغم عراقة تاريخها الجغرافي والديموغرافي، قبل العام ،1970 بلداً وئيد الخطى نحو التنمية والعمران الحديثين اللذين ظهرت علائمهما في كل بلدان الخليج العربية في السبعينات من القرن الماضي . ولم يتجاوز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الحقيقة الناصعة في قصيدته الجميلة في وصف شخصية السلطان قابوس، صانع المجد، بقوله:
رحمة أنت قدرتك السماء
                     لعمان ورفعة ورجاء
هي كانت من قبل في شظف العيش
                        فأمسى على يديك الرخاء(1)
1) جريدة الخليج - العدد ،12961 بتاريخ 13-11-2014 .

والواقع أن هذا الإحساس، إحساس التخلف عن الركب، دعا السلطان قابوس بن سعيد ومن معه من الشخصيات العمانية الوطنية، أن ينظروا نظرة جدية إلى التغيير، بغية مواكبة التطور الذي يحدث حولهم . وكان السلطان قابوس يتردد في اتخاذ القرار النهائي رغبة منه في تجنب الاضطراب الذي قد يجلبه التغيير، وكان محقاً إذ إن معظم التغييرات التي حدثت في البنية السياسية في العالم العربي لم تأت بنتائج سارة وهي مستمرة في السوء حتى يومنا هذا، ولكن في النهاية اضطر إلى الإقدام بشجاعة على تولي قيادة التغيير، لاسيما أن عمان تداعت عليها قوى الشر من شيوعية ومن لف لفها من تلك التي تبنّت أجندات أجنبية النهج تدعو إلى تقويض الأنظمة الخليجية لسبب واحد، وهو أن هذه الأنظمة كانت معتدلة ولم تكن راديكالية الهوى، والمتطرفون لا يقرون شيئاً اسمه الاعتدال .
وقد حمل السلطان قابوس الذي جاء إلى سدة القيادة في عمان من أجل التغير إلى الحسن والأحسن، ومن أجل التعمير الذي كانت عمان في حاجة ماسة إليه في جميع مناحي الحياة، من اقتصادية واجتماعية وثقافية، حمل هذا القيادي الشاب الذي كان يومئذ في مقتبل العمر سلاح الدفاع عن النفس ضد الغزاة والطامعين في يد، وأغصان الزيتون في اليد الأخرى، ووجه بعد توليه الحكم نداء إلى المتمردين والعصاة، وقال لهم تعالوا إلى كلمة سواء بيني وبينكم إن كنتم بحق تريدون الخير لعمان، وها أنا أمد يدي إليكم من أجل توفير هذا الخير . . وكانت الاستجابة من عدد كبير من وجوه أهل عمان الذين لمسوا المصداقية في نداء عاهلهم الجديد، ولكن فئة ضل بها الطريق وأصرت على اتباع أجندتها التي أعدت كما أشرنا من قبل قوى الشر، الشيوعية والراديكالية المتطرفة في العالم العربي . . ولم ير السلطان قابوس بداً من أن يشمر عن ساعده ويقف موقف الشجعان من أصحاب المبادئ، ويصرّ على المضي في طريق الإصلاح وقطع دابر الشر من أي جزء من أرض عمان، والحفاظ على وحدة هذا القطر العريق، وكان من أبرز من عاضده وناصره وشد من أزره هو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الذي لم يدخر وسيلة إلاّ واتبعها لمؤازرة الشعب العماني، وكفاح السلطان قابوس من أجل الإصلاح والتعمير اللذين كان الشيخ زايد، رحمه الله، يقود زمامهما في الإمارات . .
وقد نجح السلطان الشاب، قابوس بن سعيد، نجاحاً لفتت إليه أنظار العالم المتمدين وما كان يسعى إليه من إقامة مجتمع متحضر مدني في بلده، وأثار السلطان إعجاب الناس في كل مكان، حيث كان في الوقت الذي يناضل من أجل القضاء على الشر ويدعو إلى السلام والوئام، ويعمل جهده من أجل تحقيقهما، كان أيضاً يعمل باستمرار على الأخذ بأسباب البناء والعمران . ولم يمض سوى وقت قصير إلا وأصبحت عمان بلداً مزدهراً، ويجلس في صف الدول ذات المقام العالي في الرقي والتقدم .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"