الشرق الأوسط.. واقع مؤلم ومستقبل مأمول

01:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

بين كل مناطق العالم،يعد الشرق الأوسط من أكثر المناطق سخونة وإثارة للجدل، ومن أشد المناطق توتراً، حيث الإرهاب والنزاعات والثورات والحروب والصراعات الدولية.
العراق لا يزال يعاني ندوب الاحتلال، ويخيّم عليه الإرهاب والتوترات الداخلية، وسوريا تدخل عامها السابع من النزاع والصراع والحرب الأهلية، وفلسطين المحتلة كادت أن تنسى تماماً بعد ما يسمى «الربيع العربي»، ومصر وليبيا تواجهان خطر الإرهاب «الإخونجي» و«الداعشي»، وتونس والمغرب والجزائر تحارب الإرهاب الذي نجح في توجيه بعض الضربات الإرهابية في بعض المناطق، ودول الخليج تتصدى بكل قوتها لتحديات مختلفة تهدد أمنها الاستراتيجي.
التهديدات الإيرانية وتدخلاتها الخارجية وأحلامها بالسيطرة على العالم الإسلامي، وتبنيها لتصدير الثورة للخارج، وعدم احترامها لحق الجوار، كل ذلك شكّل مصدراً كبيراً للخطورة في المنطقة.
مؤامرات دولية وخطط استراتيجية تقودها قوى الشر لضرب أمن واستقرار دول الشرق الأوسط، وتهديدات متنامية من قبل «إسرائيل» وإيران والتنظيمات الإرهابية، وصراعات مستمرة لا ندري متى تنتهي. أصبح السلام في هذه الظروف حلماً بعيد المنال، وأمراً معقداً جداً. قوى الشر تموّل كل مقترح لمنظمة إرهابية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، لتنهب الخيرات وتهجّر الشعوب بدم بارد.
التنظيمات الإرهابية تحترف نشر خطاب الكراهية، وإنكار وجود الآخر وإنسانيته، وتستغل الأحداث الساخنة لبث سموم الأحقاد والكراهية، فهي بالتأكيد أداة لخدمة مشروع صراع الحضارات وخدمة تجار السلاح والمرتزقة، ومع ازدهار الإرهاب تتصاعد لغة الكراهية، كما أن هذه التنظيمات أداة لخدمة المنتفعين من براميل النفط في السوق السوداء.
التنافس على موارد الطاقة والسيطرة على المواقع الاستراتيجية يلعبان دوراً أساسياً في الصراع في الشرق الأوسط، الذي أصبح ملعباً لكل قطب، وطالما كان التنافس على الموارد الطبيعية في التاريخ سبباً لشن الحروب والحملات الاستعمارية التي لا تعرف للرحمة معنى.
الموارد الطبيعية التي يفترض أن تكون مصدراً لسعادة ورفاهية الشعوب أصبحت مصدراً للتعاسة بسبب الأطماع، قال تيري رود لارسن، رئيس معهد السلام الدولي: «ينبغي أن تكون الطاقة محركاً للتنمية والتعاون، لا مصدراً للنزاعات والتوتر».
الشرق الأوسط اليوم ينزف من جروح غائرة، وتبكي العيون لما يجري فيه، وما يلقاه الأبرياء من أطفال ونساء ومدنيين، ومقابر جماعية في فلسطين وسوريا والعراق، وقتلى وجرحى في انفجارات دورية في مصر وغيرها، وزعزعة للأمن والاستقرار في الدول الأخرى.
الحديث عن هذه الجروح لا يعني الاستسلام للواقع المؤلم، أو التشاؤم من المستقبل، أو تعليق حل المشكلات على شماعة المؤامرات الخارجية والوقوف مكتوفي الأيدي.
المشكلات مهما أصبحت معقدة فالحلول غير مستحيلة، والتفاؤل بالمستقبل يجب ألا يغيب لحظة، وأي بصيص نور في الأفق قد يتسع ليضيء الأنفاق المظلمة.
إيقاف الحروب يحتاج إلى نوايا صادقة من جميع الأطراف، ودفع حقيقي لعملية السلام، فالنوايا المبيتة بعكس ذلك خداع، ونتيجته وخيمة، قال الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط: «إن معاهدة من معاهدات السلام لا تعد معاهدة إذا انطوت نيّة عاقديها على أمر من شأنه إثارة الحرب من جديد»، ذلك أن مثل هذه النيّة المكتومة تجعل من المعاهدة هدنة لا أكثر، أما السلم الحقيقي فيجب أن يقضي على كل احتمال لوقوع الحرب.
دول الخليج اليوم تحمل مشاعل النور للمنطقة، وتشكل دولة الإمارات والسعودية تحالفاً قوياً يعمل على التصدي للتحديات التي تهدد الشرق الأوسط، عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً وثقافياً.
«عاصفة الحزم» كانت منعطفاً تاريخياً لإعادة البوصلة إلى اتجاهها الصحيح في الشرق الأوسط، بعد أن تصاعد الخطر الإيراني بصورة خطرة في المنطقة، لتصل أيادي إيران إلى اليمن، وتبدأ بدعم الميليشيات الانقلابية، وتضع أمن الخليج على المحك.
جاءت عاصفة الحزم لإعادة الشرعية لليمن، وإعادة الأمل إلى شعبها، بعد أن عاث الحوثيون فيها خراباً، وقتلوا وشرّدوا واستولوا على الدولة اليمنية ومقدراتها، وأصبحوا يهددون الملاحة الدولية.
تلعب دولة الإمارات دوراً كبيراً في توحيد الصف الليبي، وإعادة الأمل إلى ليبيا بعد أن أنهكتها الحرب والخلافات، وجاء لقاء أبوظبي بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، وقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، لبناء مستقبل جديد لليبيا، يعيد إليها الاستقرار والأمل، ووجد إجماعاً واسعاً وسط الليبيين وتأييداً دولياً.
الشرق الأوسط اليوم بحاجة ملحّة إلى هذه الجهود، لحلحلة المشكلات، وإعادة الأمل من جديد للشعوب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"