الشيخ محمد بن راشد وتنشيط الثقافة

02:09 صباحا
قراءة 3 دقائق

الثقافة في التعريفات المبسطة تعني المعرفة بالشيء أو طرف منه، والمثقف هو الملم بكل ما يدور حوله في حياته اليومية من شأن. وهنا يصبح لا مناص لأي مجتمع ينشد السير إلى الأمام في طريق التطور أن يأخذ من الثقافة طرفاً، لأن الثقافة هي التي تقود إلى المعرفة الواسعة والعلم بالشيء، وإيجاد الفرد المثقف يعني وضع اللبنات لخلق العلماء، وخلق العقلية العلمية النيّرة. وأي مجتمع مهما بلغت قوّته المادية يكون كالشيء الأجوف من دون ثقافة، لأن الثقافة هي السبيل للحفاظ على القوة، وصيانتها من الضعف والانكسار. ولابدّ أن نعرف بعيداً عن المكابرة أن تكدّس الثروات عند أي فرد أو مجموعة من الأفراد لا قيمة معنوية له ما لم يحاول مثل هذا الفرد أو هذه المجموعة أن تمسك بزمام المعرفة والثقافة، وتساهم بثرائها في العمل على تنشيط العمل العلمي والثقافي، وما هي الفوائد التي تجنيها البلد ويجنيها المجتمع من وراء الإعلانات التي نراها كل يوم في الصحف، مصحوبة بصور رجال الأعمال الذين ازدادت رساميلهم، وارتفعت أرباحهم إلى هذا الرقم العالي أو ذاك من الملايين، من دون أن يشار إلى أي بند يسهم فيه هؤلاء في مساهمة معينة لمشروع ذي نفع للمجتمع من ثقافي وخدمي وما شابه ذلك. وعندي أن من يتباهى بتحقيق هذه الأرباح المادية العالية، على الدولة تنبيهه أن في هذه الأموال المكتسبة حقوقاً معلومة للمجتمع، وعليه أن يراعي هذه الحقوق ويخصص جزءاً منها للصرف على حاجات هذا المجتمع.

وكلنا يشعر اليوم ما تسعى إليه الدولة من تفعيل دور الثقافة، وعندنا المثل الحسن والقدوة الحسنة في الشيخ محمد بن راشد، وجهوده في ترسيخ فكرة الأخذ بأسباب الثقافة والعلم، وإيمانه بأن أي تطوير وتنمية لن يكون له التأثير العملي ما لم يكن مصاحباً للعلم والثقافة، وتفعيل دور هذين العاملين المهمين للسير بالتطوير والتنمية وصيانتهما من أية انتكاسة أو تراجع.

وقد أصبح شيئاً ملموساً في الإمارات منذ تشكيل الوزارة الجديدة قبل نيّف وعامين برئاسة القيادي الفعال الشيخ محمد بن راشد، الذي من جلّ اهتماماته أن يخلق في الحكومة فرقاء عمل في كل موقع، ويردد عليهم ويسمعهم مقولة.. أن العامل المجد في خطة حكومته هو الذي يمشي إلى الأمام ويتدرج من درجة إلى اخرى، وغير المجد، يقال له، لم تحسن عملك فاترك المجال لغيرك. ويقول لهم أيضاً كما أورده في كتابه "رؤيتي": "أريد لقادة الفرق والإداريين الكبار اكتساب كل المعارف والمهارات الممكنة في أوسع نطاق ممكن، وعندما أنقل أحد هؤلاء إلى قطاع جديد سيحمل معه المهارات والخبرات التي اكتسبها في قطاعه السابق ويضيف إليها".

والشيء الطيب أن الكل يتبع السياسة التي يرسمها الشيخ محمد لفريق عمله، وفي مقدمتها التقدير والامتياز للكفاءة وليس لشيء آخر. والجميع يتنافس في هذا الطريق الذي يجعل الفرد يعتمد على نفسه وليس على انتمائه، وهذا هو الرقي الحقيقي والمسلك الآمن، لإيجاد جيل من الشباب العامل الموالي للوطن، والموالي للقيادة الرشيدة التي تعمل لخيره، بعيداً عن الموالاة الفئوية التي تعاني منها بعض المجتمعات العربية، حيث جلبت وتجلب له الويلات.

وليس كنشر الثقافة والوعي بالمسؤولية، شيء يجعل من الإمارات بلداً متحضراً يحبه أهله، ويحبه من يأتي إليه، وترتاح إليه نفسه. وهذه الظاهرة، ظاهرة التنشيط والتفعيل للعمل الثقافي وللوعي الثقافي، باتت بادية للعيان على يد وزير الثقافة والشباب، بوحمد، عبد الرحمن العويس، وفريق عمله الذي يعمل تحت إمرته ويسير على نهج الشيخ محمد، والذي منذ أن تولى هذه الوزارة يعمل بوعي وإدراك ومعرفة من أجل رفع شأن الثقافة واتخاذ كل تدبير لتكون الثقافة والاهتمام بها في رأس الأولويات، والأنشطة التي تقدمها الحكومة من مؤتمرات ومنتديات ومعارض ومشاركات، وكان آخرها ملتقى الهوية الوطنية التي انعقدت تحت إشراف وزارة الثقافة بإيعاز من صاحب السمو رئيس الدولة، في مدينة أبوظبي. وكان هذا الملتقى ناجحاً نجاحاً كبيراً، وركز المؤتمرون فيه على توضيح الرؤية حول الهوية والوطنية رغم بعض الجدل الشططي الذي أثير من هذا الطرف أو ذاك.

ومن الواجب أن نبارك جهود الشيخ محمد بن راشد، ونشيد بها فيما يعمله من أجل نشر الوعي الثقافي في البلد، ونقول له أحسنت فيما تفعله، وأحسنت في اختيار فريق العمل الذي يتكفل بأداء هذا الواجب، ليس لأن أحدهم في حاجة إلى سماع هذه الكلمة، فهذا النشاط يأتي من طبيعة متأصلة، ولكن كلمة أحسنت. كلمة طيبة، تثير في نفس مسامعها الارتياح والشعور بتقدير الناس وحثهم للسير في درب الخير والمضي قدماً إلى الهدف المنشود.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"