انتخابات «إسرائيلية» ثالثة لن تحل الأزمة

03:31 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

يخيم شبح إجراء انتخابات «إسرائيلية» ثالثة، خلال أقل من ستة أشهر، رغم تكليف رئيس حزب الجنرالات بيني غانتس بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد فشل بنيامين نتنياهو للمرة الثانية. واتهمت أغلبية «الإسرائيليين» نتنياهو بالتسبب في منع تشكيل حكومة جديدة في استطلاع للرأي، لكن الانقسام النصفي ل«الإسرائيليين» بين اليمين من جهة والوسط واليسار من جهة أخرى، كان ولا يزال هو السبب الأساس، يضاف إلى ذلك تمسك نتنياهو بكتلة أحزاب اليمين والتفاوض لتشكيل الحكومة على أساس أنها كتلة واحدة لا تقبل أحزابها التفاوض على انفراد.
وقد سعى نتنياهو منذ البدء فور إعلان نتائج الانتخابات الثانية إلى تشكيل هذه الكتلة التي تضم 56 عضواً، بهدف أن يبقى رئيساً للوزراء، والحصول على حصانة من الملاحقة القضائية، بحيث يشكل حكومة بالتناوب، شرط أن يكون رئيسها، حتى لا توجه إليه اتهامات في نهاية الاستجوابات حول قضايا الفساد التي انتهت في مطلع الشهر الجاري، وينتظر أن تعمد النيابة إلى توجيه اتهامات إليه بالمثول أمام المحكمة في ملفي الهدايا والرشوة، وفي ملف تقديم خدمات لناشر موقع «والا»العبري.
وكان رئيس الاحتلال رؤوبين ريفلين اقترح تشكيل حكومة وحدة بين غانتس ونتنياهو، لكن الأخير أرادها طوق نجاة من المحاكمة والحصول على حصانة، كما أن الرجل الثاني في حزب الجنرالات «أزرق أبيض» وهو الإعلامي يائير لبيد رفض بشدة حكومة تضم الحريديين المتدينين، وهدد بفك التحالف مع غانتس.
بقي اليميني العلماني أفيجدور ليبرمان هو من يتحكم بتشكيل الحكومات، فهو الذي أدى انسحابه من الحكومة السابقة في مطلع العام الجاري إلى انهيارها والتوجه إلى انتخابات جديدة لخلافه مع نتنياهو حول ضرورة تجنيد المتدينين الذين يشكلون 15% من الناخبين الشبان، ويحظون بالإعفاء من الخدمة العسكرية للتفرغ لدراسة الدين اليهودي. فليبرمان رغم أنه يميني متطرف سياسياً، ويعتبر الفلسطينيين عدوه الرئيسي، ويرفض الجلوس مع النواب العرب ويدعو لمحاكمتهم، فإنه يعتبر تسلط المتدينين أمراً لا يطاق.
لا أحد يرجح قدرة الجنرال غانتس على تشكيل حكومة، حيث إن كتلة أحزاب اليمين ما زالت على حالها، وترفض التفاوض معه على انفراد، كما أن حزب الليكود ما زال ملتفاً حول نتنياهو حتى اللحظة، ويبقى هناك ليبرمان الذي يستطيع مع الجنرالات واليسار تشكيل حكومة أقلية تحظى بتأييد القائمة العربية المشتركة دون الدخول في الحكومة. وقال غانتس إنه سيفاوض كل الأحزاب بما فيها من لن يكون لهم منصب في الحكومة، في إشارة إلى القائمة العربية المشتركة التي لها 13 مقعداً في الكنيست، وحتى ليبرمان الذي يعادي العرب وقائمتهم بشكل شرس، تجاهل هذا العداء في تصريحاته الأخيرة قبل أيام، واتهم نتنياهو بأنه يعمل بدوافع شخصية، ولا تعنيه دولة «إسرائيل». مضيفاً أن مصلحة «إسرائيل» تكمن في تجنب انتخابات ثالثة، وتشكيل حكومة قومية ليبرالية واسعة.
ورفض ليبرمان التطرق إلى إمكانية دعم حكومة أقلية بدعم من القائمة العربية المشتركة. وقال إنه لا يعمل لدى الليكود، ولا لدى نتنياهو. وبالتالي لن يتطرق إلى هذه المسألة، بل سيتجاهلها. ونفى ادعاءات الليكود بأنه ينسق مواقفه مع غانتس ويائير لبيد.
وكان نتنياهو نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان «المؤامرة السرية لغانتس ولابيد وليبرمان». ويكرر النص في مقطع الفيديو، الذي يتم عرضه مع موسيقى تنذر بالشؤم، مزاعم بأن الثلاثة يخططون لتشكيل حكومة أقلية بدعم من أيمن عودة وأحمد الطيبي، عضوي الكنيست من تحالف الأحزاب العربية من خارج الحكومة.
ويتبع هذه المزاعم مقطع فيديو للطيبي يقول فيه «لا توجد هناك قيمة عليا فوق الشهادة»، ومقطع فيديو لعودة يقول فيه «علينا رفع علم فلسطين في كل مكان». ثم يتهم عودة بأنه رفض إدانة هجوم وقع ضد جنود «إسرائيليين».
وتساءل الفيديو، «كيف سيتعامل غانتس ولابيد وليبرمان مع إيران وحزب الله وحماس، في الوقت الذي يعتمدون فيه عليهم؟ ورداً على الاتهامات التي وردت في الفيديو، قال ليبرمان «إنك تنفي حقيقة أنك ولمدة 23 عاماً كنت المتعاون الرئيسي مع (ياسر) عرفات وأحمد الطيبي والسلطة الفلسطينية وحماس والقائمة المشتركة».
المحصلة أن غانتس يعمل لاقتطاع أحد الأحزاب من كتلة اليمين مع ليبرمان لتشكيل حكومة جديدة، وإلا فالانتخابات الثالثة ستكون على الأبواب، لكنها لن تقدم مخرجاً من الأزمة السياسية «الإسرائيلية»، لأن الانقسام النصفي للرأي العام «الإسرائيلي» لن يتغير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"