بشائر لما بعد «كورونا»

02:26 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

وسط حمى فيروس كورونا المستجد التي أصابت العالم أجمع، بدأت بعض الأخبار الطيبة تتسرب من مخابر البحث الطبية، بما يبشر بقرب التوصل إلى لقاح فعال يواجه هذا الفيروس المرعب ويطوي صفحته القاسية. ففي أقل من يومين تم الإعلان من الولايات المتحدة والصين تباعاً عن بدء اختبارات سريرية، بينما تعكف مختبرات دول أخرى، بينها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكندا، على الهدف ذاته، ومن يفز بكسب السبق سيكون فعله خيراً للبشرية جمعاء.
أغلب زعماء العالم يتحدثون عن حرب يتم خوضها ضد هذا الفيروس القاتل، وهي فعلاً كذلك، فمن يتابع قرارات الحجر وحظر التجوال واستنفار الأمن والجيوش وكل الأجهزة، يخيل إليه أنه يشاهد فيلماً محبوك السيناريو والإخراج، لكن الحقيقة المرّة أن كل ما يأتي من أخبار ومعطيات يعكس واقعاً فعلياً أخذ العالم كله على حين غرة. ورغم مرارة الحقيقة، يبقى باب الأمل مفتوحاً على مصراعيه للتخلص من الكابوس المرعب. وربما لن يمضي وقت طويل حتى تتوالى الأخبار السارة عن انتاج لقاح يعزز المواجهة ويزيح الخوف الذي استوطن مليارات البشر. وأغلب الظن أن فرصة إيجاد بلسم شافٍ هي مسألة وقت لا غير، إذ لا يمكن أن يسفر هذا الاستنفار الطبي والبحث عن لا شيء، والأقرب أن البشرى الكبيرة قريبة للغاية ربما تستغرق بضعة أيام أو أسابيع على أقصى تقدير.
في أحد المؤتمرات الصحفية قال الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس أن الفترة المقبلة ستكون اختباراً لثقة البشرية بالعلوم، في الوقت الذي يواصل فيه هذا الفيروس الغامض ترويع الأمم والشعوب، من تقدم منها ومن تخلف، ووسط هذه الحالة، فإن الإنسانية تتعلق همتها بالعلوم والمخابر الطبية في أرجاء المعمورة، بعد حسن التوكل على الله تعالى. وقطعاً فإن تضافر الجهود بين جميع العلماء والدول سيؤدي إلى الهدف المرجو، وربما سيحفز المجمعات العلمية لإيجاد أمصال لفيروسات وأمراض أخرى مازالت بلا أدوية وتقتل من الناس يومياً أكثر بأضعاف من الأرقام المعلنة عن الوفيات جراء كورونا المستجد.
هذه محنة صحية غير مسبوقة، ويجب على المجتمع الانساني أن يتعظ منها ويعتبر حتى تكون الحياة في المستقبل أكثر أمناً ووقاية من الأوبئة والجوائح، وأن تبتعد شركات تصنيع الأدوية عن الجشع، ويكون هدفها الحالي من التنافس المحتدم على انتاج لقاح، حماية الناس في مختلف بلدانهم وأعراقهم وألوانهم، فتلك هي النتيجة الأبقى والتي سيخلدها التاريخ، مثلما تخلدت أسماء عباقرة ومخترعين في القرون الماضية، مازالت البشرية تستفيد مما اكتشفوا، وتزهو بكل هذا الرفاه والتقدم.
ولكن يبدو أن الإنسان في صراع لا يتوقف مع الطبيعة ومع المتغيرات، وفي كل محنة يكتشف أنه أضعف مما يعتقد. وخير دليل هذا الفيروس المسمى «كورونا» الذي فاجأ الجميع، وما زالت نهايته موضع تخمين في انتظار أن تنجلي اللحظة الحاسمة القريبة مع الكثير من التفاؤل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"