بيونج يانج والإحباط المزدوج

03:08 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

تتجه العلاقة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية إلى خط المواجهة مجدداً بعد جمود الاتصالات بين الطرفين بشأن نزع الأسلحة النووية وخفض التوتر في تلك المنطقة الملغومة بإرث من الأحقاد والحروب. وبعد أشهر من الفراغ، انقلب حديث الغزل والمجاملات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعيم بيونج يانج كيم جونغ أون إلى إحباط كبير عبرت عنه تصريحات وتحركات من الجانبين.
الوصول إلى هذه النقطة مر عبر أشهر من الجفاء الدبلوماسي والاستفزازات المتبادلة، إذ أجرت كوريا الشمالية عدداً من التجارب الصاروخية «الغامضة»، وتوعدت بأن يحمل العام الجديد 2020 مفاجآت أخرى، وفق المسار الجديد الذي بدأ يتشكل بالنظر إلى ما يقوله المسؤولون في بيونج يانج. وفي المقابل يبدو الأمريكيون في أزمة أيضاً بين رغبة في عدم انهيار الجسور التي بناها ترامب مع كيم، وإظهار الثبات على الموقف المتشدد والدعم المطلق لحلفاء واشنطن، وفي صدارتهم اليابان التي لم تكن راضية عن السياسة الأمريكية في الأشهر ال 18 الماضية منذ قمة ترامب وكيم في سنغافورة. أما كوريا الجنوبية، فلا يمكن أن تكون سعيدة بعودة الصراع، بعدما نسجت سيول علاقات متقدمة نسبياً مع بيونج يانج سعت من خلالها إلى محاولة طي صفحة العداء بين أبناء الأمة الواحدة وتنمية المناطق الحدودية. ولم يكن خافياً أن التقارب البسيط بين قيادتي الكوريتين قد حرك لدى البعض المشاعر القومية في الشطرين. لكن يبدو أن الحلم سينتهي إلى ما كانت عليه عقود من التوتر عاشها الكوريون تحت مظلة الخوف من حرب مفاجئة لا يمكن لأحد أن يحسم نتائجها أو يقدر مداها وتداعياتها.
فشل التقارب بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، يعني عودة الأولى إلى التجارب الصاروخية والتفجيرات النووية وتبني الخطابات التصعيدية، وللثانية خيبة مدوية وانتكاسة لسياسة ترامب الخارجية وورقة سيتلاعب بها خصومه الديمقراطيون سواء في إجراءات المساءلة والعزل أو في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. ولا شك في أن ترامب لن يكون سعيداً بهذه النتيجة. ونظراً لعدم توقع مواقفه أو قراراته، فقد يسعى إلى المحاولة مجدداً بتقديم بعض الحوافز لكيم من أجل أن يعود إلى المفاوضات بما يمكنه من الحفاظ على حالة الجمود إلى ما بعد المنافسة الرئاسية، وفي حالة فوزه بولاية ثانية، فبإمكانه أن يختط السياسة التي يريدها ضد كوريا الشمالية، إذا افترض جدلاً أن القيادة في بيونج يانج تتمتع بغباء خارق.
لم يلعب كل من ترامب وكيم بكل أوراقهما في الأزمة، والأرجح أن يعوداً إلى لعبة شد الأعصاب، ولكن هذه المرة لن يكونا وحدهما على المسرح، ويبقى الآخرون يتفرجون لتكبر الأزمة تدريجياً، وآنذاك ربما تتوافق جميع الأطراف على حل يحفظ لكل طرف مصلحته بناء على ما يقدم من تنازلات وأثمان مؤلمة وباهظة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"