تريم عمران المؤسس الرائد للإعلام الإماراتي الأهلي

في ذكرى رحيله الحادية عشرة
03:17 صباحا
قراءة 3 دقائق

لم تعرف الإمارات النشرات الاعلامية والخبرية المنتظمة إلا في مستهل الستينات من القرن الماضي، حيث صدرت أول نشرة إعلامية، سميت بالجريدة الرسمية لحكومة دبي في عام ،1961 وما زالت منتظمة الصدور حتى الآن . . وهذه النشرة بالاضافة إلى نشرها أخبار النشاط الحكومي، كانت تنشر إعلانات دائرة الأراضي والأملاك التي كانت تسمى حينئذ الطابو، وإعلانات البلدية ودائرة الجمارك والشرطة والمحاكم، وكذلك الإعلانات من التجار ووكلاء البضائع .

وتلت هذه النشرة، (الجريدة الرسمية)، مجلة أخبار دبي عام ،1965 وبالتحديد في يناير/كانون الثاني من ذلك العام، أما ما يرويه البعض أن هناك نشرات إخبارية وإعلامية صدرت هنا وهناك في الإمارات في تلك السنين، فإن هذه الرواية غير دقيقة، لكننا لا ننكر صدور نشرات موسمية سرعان ما كانت تختفي، ولم تكن كما قلنا منتظمة الصدور والنشر .

وبتأسيس جريدة الخليج وانطلاقها على يد الأخوين المؤسسين، تريم وعبدالله عمران عام ،1970 بدأ في الإمارات عهد جديد للصحافة ذات القيمة الإعلامية المتميزة، والمضارعة لمثيلاتها في أماكن أخرى من الإقليم الخليجي، كالكويت والبحرين، وتم بهذه النشرة المتميزة ملء الفراغ الصحافي الذي كان موجوداً في الإعلام السياسي في الإمارات، ومن يتسن له أن يلقي نظرة على الأوضاع السياسية التي كانت سائدة في تلك الأيام، أي منذ نيف وأربعين عاماً، وما كانت تحمله من مخاض وعسر في بوادر قدوم مولود وكيان جديد يلمّ شتات الإمارات المترامية على ضفاف منطقة تسمى الساحل المتصالح، أو الإمارات المتصالحة، خاصة بعد أن أعلنت بريطانيا قرارها بالانسحاب من مناطق نفوذها العسكري شرقي السويس، من يتسن له تلك النظرة والتفهم، يدرك أن ما قام به تريم عمران، رحمه الله، من الإقدام على عمل من نوع ما قام به، وهو تأسيس دار للصحافة في فترة عصيبة كتلك الفترة، هو ولا شك مخاطرة ومغامرة لا يقدم عليها إلا من قويت شكيمته واشتدت عزيمته وإصراره على مشاركة جماهير الناس همومها وشجونها، وما كانت تتطلع إليه من حاضر ومستقبل، ومحاولة نقل هذه الهموم إلى الأسماع .

وكان هذا الإنسان صاحب العزيمة والشكيمة هو تريم عمران الذي عرفه الإماراتيون بهذه الصفة طوال حياته، تلك الصفة التي متى ما اتّصف بها الإنسان، فإنه جدير بأن يوضع في المراتب الأولى بين الخالدين في تاريخ الشعوب، أولئك الخالدين الذين يؤثرون على أنفسهم مصلحة أوطانهم ويدافعون عن هذه المصلحة، حتى لو تعرضت مصالحهم الخاصة للخطر . والحقيقة أن الدفاع عن الوطن لا يعني حمل الفرد للبندقية والدخول في معارك مسلحة، ولكن يعني بالدرجة الاولى أن يتصدى لمشكلات وطنه والوقوف إلى جانب الحق ونبذ الطغيان والتعسف بروح إنسانية خالية من المطامع والبحث عن مغانم شخصية . وكان تريم عمران يتسم بهذه الصفات الخلقية السامية التي جعلت الناس في كل انحاء العالم العربي، تحزن وتأسف لرحيله المبكر في مثل هذا الشهر من عام 2002 . وقد أدركت شخصياً مشاهد هذا الحزن والوجوم على وجوه أعدادٍ كبيرةٍ من كبار الكتّاب والمفكرين السياسيين الذين اشتركوا في مراسم التأبين التي أقيمت في بيروت والقاهرة، إضافة إلى وطنه الإمارات . رحم الله تريم عمران، وأنزله منازل الصديقين والصالحين .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"