تلاشت آمالنا وذهب "السلام" لأوباما

04:37 صباحا
قراءة 3 دقائق

ليس بمقدور الرئيس الأمريكي أوباما أن يرفض قبول جائزة نوبل للسلام العريقة، لأنها قيمة سامية جداً، في وقت اجتهد فيه آخر رئيس ديمقراطي قبله وهو بيل كلينتون للحصول عليها وناضل من أجل تحقيق هذا الهدف. فهو الذي اجتهد في دفع الفلسطينيين والإسرائيليين دفعاً إلى منتجع كامب ديفيد عام 2000 للتوصل إلى معاهدة سلام تنهي الصراع في الشرق الأوسط وتكتب اسمه في التاريخ وتخلده بعمل كبير ينسيه الأيام الصعبة التي عاشها أثناء التحقيقات بشأن قضية مونيكا لوينسكي. لكن كلينتون فشل لانحيازه الشديد إلى جانب إسرائيل وابتعاده عن فرض الحل العادل.

أما جورج بوش، فقصته معروفة أيضاً، فهو لم يول اهتماماً بملف الصراع في الشرق الأوسط إلا في عامه الثامن والأخير في السلطة، وبالتالي فشل هو الآخر نظراً لولعه الشديد بإشعال الحروب وتدمير العالم.

تقبل أوباما جائزة نوبل على الفور، طبعاً مع إبداء الخجل لأنه حديث العهد بالسلطة ولم ينجز شيئاً بعد لا في فلسطين ولا في العراق ولا في أفغانستان ولا إزاء الملف النووي الإيراني. ونقتبس هنا تعليق أوباما على الجائزة وتأكيده قبولها بقوله: يكفيني شرفاً أن تمنحني هيئة نوبل جائزتها للسلام بدلاً من أن أتعرض لمقذوفات من الأحذية.. طبعاً المعنى واضح وفاضح في نفس الوقت.

لكن مهما حاولت هيئة الجائزة تبرير موقفها من منح الرئيس الأمريكي جائزتها، فهي مخطئة لأنها اعتمدت على أقوال وليس على أفعال، وتبنت مواقف أوباما الفلسفية واعتبرت كلماته وخطاباته المنمقة كفيلة بمنحه جائزة السلام. فهي رأت أنه عوض العالم برؤيته للسلام والسياسات متعددة الاتجاهات عن سنوات بوش الكبيسة. فأوباما تعهد بخفض التسلح النووي والسعي لسلوك طريق الدبلوماسية المتعددة الأطراف، وحل الصراعات في العالم بالوسائل السلمية ومن بينها الصراع العربي الإسرائيلي.

وعلى ذكر هذا الصراع، فإن الشعوب العربية وبعد أن اقترب أوباما من اتمام عامه الأول في السلطة، لم تر منه شيئاً نحو إنهاء الصراع المذكور، فوعوده تراجعت بسبب التعنت الإسرائيلي وعراقيل نتنياهو ورفضه التراجع عن سياسة الاستيطان، ولا تنسى الشعوب العربية ضغوط أوباما على الرئيس الفلسطيني بسحب تقرير غولدستون من أمام لجنة حقوق الإنسان في جنيف، ومن قبلها ضغوطه من أجل المشاركة في لقاء ثلاثي معه بمشاركة نتنياهو.

وإذا تجاوزنا القضية الفلسطينية لأنها عصية على الحل عن طريق الولايات المتحدة، نتجه بسرعة إلى المسألة الأفغانية التي ترهق أوباما وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، لما لها من تداعيات سلبية للغاية إذا استمرت الحرب بلا نهاية وكذلك دوام حالة العداء بين باكستان وأفغانستان.

بعيداً عن الموقف من أفغانستان والحالة الفلسطينية، وبعيداً عن كل ما قيل منذ فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام، فهي رسالة دولية لدعم الرئيس الأمريكي نتيجة توجهاته بالعمل من خلال الأمم المتحدة واحترام القانون الدولي، ورسالة أهم تقول إن المجتمع الدولي يقف مع الرئيس الأمريكي في محنته داخل أمريكا. فلجنة الجائزة ترد على منتقديه الأمريكيين لسياساته الخارجية بأنه ليس وحده، وكما ذكر الرئيس جيمي كارتر صاحب نوبل للسلام وأحد ثلاثة رؤساء فائزين مع تيودور روزفلت وودرو ويلسون، أن منح باراك أوباما الجائزة هو تصريح شجاع للدعم الدولي.

لكن يجب ألا ينسينا هذا الدعم الدولي أن الجائزة ستكون عبئاً ثقيلاً على الرئيس الأمريكي، لأن عليه أن يثبت للجميع أنه يستحقها رغم أن أمامه الكثير من العقبات، لعل أهمها إعادة الحق للفلسطينيين ورد الجولان لسوريا وإعادة مزارع شبعا للبنان. هذا إذا أراد أوباما أن يثبت أنه رجل سلام يستحق جائزة نوبل للسلام.

لربما ينجح أوباما، ونتمنى ذلك، بيد أن من المؤكد أن فوزه بنوبل للسلام يعود جزء منها نكاية بسلفه بوش الذي أزعج العالم عامة والأوروبيين خاصة، بما يمكن القول إن نوبل للسلام عندما تمنح لأوباما فهي نوبل ضد بوش الذي حوّل العالم أثناء فترته السوداء إلى حروب ودمار وحرائق.

كاتب بحريني

E-Mail: [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"