حلف الأطلسي وصعود الصين

05:18 صباحا
قراءة 3 دقائق

فينيان كانينجهام *

أعلن حلف شمال الأطلسي حديثاً أنه وسع نطاق عملياته الأمنية بحيث أصبح يشمل منطقة آسيا - الهادي.
وبذلك لم يعد هذا التحالف الغربي منظمة «أطلسية»، حيث خول نفسه مهمة حفظ الأمن في منطقة الهادي. وقد تحدث السكرتير العام للحلف ينس ستولتنبرج عن «ضرورة» نشر قوات عسكرية أطلسية في منطقة آسيا - الهادي «من أجل التصدي لصعود الصين».
وفي تصريح مثير يعكس ازدواجية تفكير، قال ستولتنبرج أثناء زيارة إلى أستراليا في 8 أغسطس/ آب: «المسألة ليست تحريك حلف الأطلسي إلى منطقة الهادي، بل هي مسألة رد على واقع أن الصين أخذت تقترب منا».
حقاً؟ هل هناك سفن حربية صينية تطوف عبر مياه أوروبية، أو صواريخ صينية نشرت بمحاذاة حدود أمريكا؟ كلا. ولكن ستولتنبرج، رئيس وزراء النرويج سابقاً، والسياسي المدني الذي يترأس تحالفاً عسكرياً تقوده الولايات المتحدة، برر ادعاءه بالقول إن «الصين تقترب منا أكثر فأكثر»، معتبراً أن ذلك «سلوك هجومي».
وأضاف ستولتنبرج أن «الصين تستثمر بقوة في بنى تحتية حساسة في أوروبا، وتعزز وجودها في منطقة القطب الشمالي، إضافة إلى أنها توسع وجودها في إفريقيا، وفي الفضاء السايبري»، (المعلوماتي عبر الإنترنت).
بكلمات أخرى، يعتبر ستولتنبرج أن تطور الصين المشروع كقوة اقتصادية هو بطريقة ما، تهديد أمني خبيث. ويا له من تجاسر صيني.
وستولتنبرج يتجاهل أيضاً واقع أن حكومات أوروبا التي تفتقر إلى لأموال قد رحبت باستثمارات رساميل صينية في شبكات اتصالات جديدة، تماماً كما أن دولاً إفريقية عدة تعتبر الصين شريكاً استراتيجياً موثوقاً بعد قرون وعقود من استغلال أوروبا والولايات المتحدة للقارة الإفريقية.
وفي الحقيقة، فإن السكرتير العام لحلف الأطلسي ستولتنبرج، يجرم الصين لمجرد أنها أخذت تصبح قوة اقتصادية عالمية نافذة. وبهذه الطريقة، أظهر ستولتنبرج أنه ليس سوى ناطق باسم واشنطن.
لقد كانت منظمة معاهدة حلف الأطلسي دائماً تعبيراً ملطفاً عن واقع أن أوروبا هي مجرد واجهة للإمبريالية الأمريكية. ومنذ إنشاء الحلف في عام 1949 وهو يستخدم كستار للعداء الأمريكي تجاه الاتحاد السوفيتي، ثم في العقدين الماضيين ضد روسيا، والصين.
وهذا الحلف الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة كان يجب حله منذ سنين، عندما انتهت الحرب الباردة رسمياً عام 1991. ولكن بدلاً من ذلك، أخذ هذا الحلف يوسع نطاقه الجغرافي إلى أن أصبح يضم اليوم 29 دولة.
ولم يتوقف حلف الأطلسي عند هذا الحد، إذ نراه الآن يوسع نطاق دوره من أجل استهداف الصين، في رضوخ تام لسياسة أمريكية «عدائية» تجاه بكين. ولنلاحظ كيف أن ستولتنبرج المطيع لواشنطن يروج لرواية أمريكا التي تتهم الصين بأنها «تهديد ناشئ للأمن العالمي».
ولكن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة هي التهديد الأساسي لأمن العالم، كما توضح ذلك سياساتها العدائية تجاه الصين، ودول أخرى.
وفي ما يتعلق بالصين، فإن ما يفسر عداء واشنطن لها هو أن الولايات المتحدة أخذت تفقد مركزها باعتبارها القوة الاقتصادية العالمية. والاتهامات الأمريكية للصين باتباع سياسات عدوانية ليست سوى ذريعة من أجل تبرير النزعة العسكرية الأمريكية تجاه الصين في محاولة يائسة لإنقاذ الرأسمالية الأمريكية التي أصبحت تعاني إخفاقاً اقتصادياً مزمناً.

* صحفي بريطاني يكتب حول الشؤون الدولية وحائز على جوائز متعددة - موقع «إنفورميشن كليرينج هاوس»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"