حليفان على وشك السقوط

02:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

يتشابه بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي ترامب في كثير من الأوجه، فهما يكرهان الإعلام والصحافة بشكل خاص ولا يطيقان القانون، وسعيا إلى قضم القوانين لصالحهما وهاجما القضاء والبرلمانيين، واحتقرا المهاجرين غير البيض عند ترامب، والسكان الأصليين العرب عند نتنياهو.
ففي كل انتخابات يخرج نتنياهو محذراً من الصوت العربي، ويقول إن العرب يزحفون نحو صناديق الاقتراع لإسقاطه؛ بل وحذر من تأييد النواب العرب لحكومة أقلية يشكلها الجنرال جانتس بقوله: إنها ستكون حكومة مدعومة بمن يعادون «إسرائيل».
والجديد أن نتنياهو استخدم تعابير ترامب عندما بدأت الملاحقة القضائية له، فقد وصف ترامب التحقيق في الكونجرس ضده بأنه «انقلاب»، تماماً كما وصفه نتنياهو لاحقاً عند توجيه الاتهام إليه رسمياً. وطلب ترامب التحقيق مع المحققين في قضية الابتزاز الأوكراني، فيما طلب نتنياهو التحقيق مع المحققين والقضاة والشرطة.
الاثنان عملياً يَرَيان أنهما فوق الشبهات وأنهما ضحية مؤامرة. الاثنان يمينيان عنصريان وثّقا علاقاتهما معاً منذ بداية مرحلة ترامب، ولم يكن الأخير يرفض طلباً من نتنياهو، حتى البيان الأمريكي الأخير حول اعتبار المستوطنات شرعية كان نتنياهو طالب به في حملته الانتخابية بقوله، إن هناك «في البيت الأبيض صديق لنا سيعترف بسيادتنا على الضفة والمستوطنات»؛ لذا اختار ترامب هذه اللحظة وأوعز لوزير خارجيته بومبيو، بالإعلان عن أن المستوطنات شرعية، وكأنه يريد مدّ يد العون لحليفه لمنع سقوطه؛ لأن ترامب يرى في سقوط نتنياهو سيناريو قد يتكرر معه.
ووجه الشبه الأخير بين الاثنين، هو أن من شهدوا ضد نتنياهو هم من خلصائه ومقربيه، وتحولوا إلى «شهود ملك» ضده، أما المستشار القضائي مندلبليت، فهو أيضاً صديق لنتياهو، لكنه كما جاء في بيانه حكم ضميره ووجه الاتهام، لكن كباراً من القضاة السابقين وصفوا الاتهامات لنتنياهو بأنها مخففة، ولا ترقى إلى ما اقترفه، في إشارة إلى تساهل المستشار القضائي الحكومي. أما ترامب فجاءت الاعترافات ضده من موظفيه، حيث شهد البيت الأبيض في عهد ترامب إقالة أو استقالة عدد من كبار المسؤولين والوزراء بلغ عددهم 70 مسؤولاً، ما يشير إلى فوضى ترامب في إدارة البيت الأبيض، وأبقى إلى جانبه نائبه بنس وصهره كوشنر فقط.
انتهى نتنياهو من مشتبه فيه إلى متهم، أما ترامب فما زالت الإجراءات ضده تحتاج إلى وقت في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون، الذين يبدو أنهم سيساندونه مثل الليكود والتكتل اليميني اليهودي المساند لنتنياهو.
أيام قليلة وسنعلم إلى أي منقلب سينقلب نتنياهو؛ لأن هناك من يفكر في الليكود بإزاحته؛ لأن وجوده سيضر بالليكود في الانتخابات الثالثة في حالة تعذر تشكيل حكومة من قبل أي نائب في الكنيست يجمع 61 عضواً. ولهذا يصر نتنياهو على عدم إجراء انتخابات داخلية لاختيار قائمة الحزب في الانتخابات منذ سنوات؛ لأن هناك منافساً قوياً هو جدعون ساعر الذي أعلن أنه قادر على تشكيل حكومة وحدة بسرعة دون الذهاب إلى انتخابات ثالثة.
ويعتقد أن من شأن إعلان المستشار القضائي أن نتنياهو غير مؤهل لتشكيل حكومة بسبب القضايا المتهم فيها، أن يغلق الباب أمام مستقبله السياسي؛ لأن هناك أحزاباً ستلجأ إلى المحكمة العليا مطالبة بأنه غير مؤهل، وستطلب المحكمة رأي المستشار، حيث بات من الصعب تنحية نتنياهو فوراً؛ لأن إحالة أوراقه إلى المحكمة تتطلب أن تنظر لجنة في الكنيست طلبه للحصانة، وهذه اللجنة لم تشكل حالياً، ولنتنياهو مهلة 30 يوماً لتقديم مثل هذا الطلب؛ لذا لن تصل أوراقه إلى المحكمة حالياً.
ويتوقع محللون أن يشن نتنياهو خلال الفترة المقبلة حملة ضد المستشار القضائي لزعزعة الثقة في الجهاز القضائي.
لكن في المقابل، ليس من المستبعد أن تقوم أطراف معارضة لنتنياهو بالتوجه للمحكمة العليا للبت في شرعية استمراره في منصبه رئيساً للحكومة، بعد قرار المحكمة ذاتها بمنع استمرار متهمين بتولي منصب وزير أو نائب وزير بعد تقديم لائحة اتهام؛ لأنه حسب القانون يستطع نتنياهو الترشح مرة أخرى في الانتخابات القريبة، والاستمرار في منصبه رئيساً للحكومة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"