ذكرى حمد بو شهاب

13:18 مساء
قراءة 3 دقائق

اللقاء التكريمي الذي أقيم في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في ذكرى الشاعر حمد بو شهاب، كان غير مناسب التوقيت، فاليوم الذي تحدد 19 أغسطس/ آب الماضي، وهو يوم وفاته رحمه الله، لم يكن يوم إجازة، ولذلك فاتت على الكثيرين فرصة حضور هذا اللقاء.. وكان الأجدر، في رأيي، أن يقام اللقاء في أحد ليالي رمضان الحالي، خاصة أن شهر رمضان الكريم كان على الأبواب عندما أقيم اللقاء..

سيظل حمد بو شهاب - حمد خليفة بو شهاب - أحد أهم الرواد في تاريخ الأدب الإماراتي، وأحد الذين كانت لهم الزعامة في الشعر العربي الكلاسيكي بنهجيه الفصيح والشعبي في الإمارات، بل أعتقد أن بو شهاب، صاحب مدرسة في الشعر الكلاسيكي الإماراتي، بدليل أنه خلق أعداداً من المعجبين بشعره ومن المقلدين، وتلامذة، مازالوا يرون أن بو شهاب صاحب زعامة لم يشق أحدٌ غبار هذه الزعامة حتى اليوم.. صحيح أن هناك أعداداً من تلاميذ بو شهاب الذين مشوا على نهجه، ولكن أحداً منهم لم يصل إلى مستوى بو شهاب في ثقافته الشعرية العربية الكلاسيكية القديمة، أو أن تلاميذه مترددون في مجاراته وتخطي زعامته..

وميزة بو شهاب أنه أثار حول منهجه جدلاً بين النقاد في الإمارات من مستحسن معتدل ومستحسن مفرط، وإلى من لا يستسيغ هذا المنهج بسبب إفراطه في القديم المقلد لعصور التراجع في الأدب العربي المنسوب للعصر العباسي الأخير في تاريخ الأدب العربي.. والذي يجعل النقد لشعر أبو شهاب شحيحاً، أن النقاد الإماراتيين في ساحة النقد الأدبي، قليلون، وكان رحمه الله يمتعض من النقد ولا يبدي الرضا والتقبل، ومن هنا فإن الكثيرين من الأكاديميين في الأدب العربي من الإمارات ومن غيرهم أحجموا عن تناول شعره بالنقد المفيد المبني على أسس منهجية.. وأكثر ما تعرض له شعر بو شهاب، هو نقد ذوقي، يغلب على معظمه الإطراء والحمد، دون الإشارة إلى مواطن السلب والإيجاب الحقيقيين والواضحين لدارسي الأدب الإماراتي..

والحقيقه أني لا ابتعد عن الصواب لو قلت بأنني أول من تناول التعريف بحمد بو شهاب وبشعره رحمه الله في مجلة المجتمع التي كان يصدرها المجمع الثقافي في بداية السبعينات من القرن الماضي، ولكن النقد المنسجم مع المنهجية والاستدلالية كتبته في جريدة الخليج متناولاً دراسة الأستاذ بلال البدور في كتابه الهزار الشادي، عن حمد بو شهاب، ودخلت بعد ذلك في سجال نقدي مع الأستاذ إبراهيم بو ملحه، وكانت لكل منا رؤيته ورأيه في شعر بو شهاب..

وكان بو شهاب رحمه الله على قيد الحياة يومئذ، وبالصدفة كان ذلك قبل وفاته بأسابيع معدودة، وكعادته رحمة الله عليه، قابل نقدي بانفعال وحدة، ولكنه كان كريماً، ومن الذين يكظمون الغيظ ويعفون عن الناس..

كان رحيل حمد بو شهاب كما قلت في مناسبات سابقة، خسارة كبرى لمجتمع صغير كمجتمع الإمارات، ليس بين ظهرانيه أعداد كثيرة من الأدباء والشعراء وأرباب البيان، يستعاض ببعضهم عن بعض، وكان وجوده وجوداً مثيراً للنشاط والحيوية في الثقافة، وله من الحضور في المجالس والمنتديات ما كان يجعل منه فارس الميدان أينما حضر..

رحم الله شاعرنا الكبير، أبا خليفة، رحمة واسعة، وأنزله منازل المؤمنين والصديقين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"