شهادة مستحقة لقائد ريادي

04:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمود الريماوي

أحسنت الجامعة العربية صُنعاً بتخصيصها جائزة للعمل التنموي العربي، وبمنح درع الجائزة في دورتها الأولى لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أحد أبرز الشخصيات الريادية العربية والعالمية في مجال التنمية البشرية والمستدامة والشاملة. التنمية التي لا تقتصر على النمو بل تتجه إلى استثمار الإمكانيات وتعظيمها، ولا تتوقف عند مواكبة العصر، بل تتجه إلى المستقبل وتسهم في صنعه وابتكاره.
وعلى مدى العقدين الماضيين على الأقل، فقد اقترن اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتطوير العمل الحكومي بصورة فائقة، من حيث استخدام الأداء الإلكتروني ونجاعة الخدمات وجودتها، وتحسين الطاقة الإنتاجية للكادر البشري، والارتقاء بمفهوم الوظيفة الحكومية مما ترك بصماته على مختلف مجالات الحياة وهو أمر يُقر به زائرون متخصصون وكذلك المقيمون علاوة على القطاعات العريضة من الشعب التي تلمس مدى التحول الذي طرأ على مختلف جوانب الحياة، فيما مازالت كثير من الدول في عالمنا لا تقتصر على العالم الثالث، تنوء تحت أرزاء البيروقراطية والإعاقة الإدارية، وأساليب العمل التقليدية وإهدار أوقات الموظفين والجمهور، وبالتالي تبديد فرص التنمية.
وواقع الأمر أن التطوير والتجويد والتسريع في الإنتاج لم يقتصر على الحوسبة والرقمنة، بل قبل ذلك على رفع كفاءة العامل البشري إيماناً بأن التنمية هي في نهاية المطاف جهد بشري فردي وجماعي متناغم وطموح يروم الارتقاء بحياة الإنسان وتلبية احتياجاته .
وما كان لهذه النتائج أن تتحقق لولا ما اتسم به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد من طموح لا يحد، ومن بصيرة ثاقبة تؤمن بأن التطوير الشامل حق لا يُنازع وواجب لا يحتمل التسويف، وأن المستقبل لا ينتظر أحداً، فإما الذهاب اليه او التخلف عنه، وأن روح المبادرة هي ما يميز الدول والمجتمعات المتقدمة، أو تلك السائرة على طريق النهوض.
ومن حسن الطالع والتقدير أن هذه المبادرات والأنشطة الريادية لا تتوقف عند حدود دولة الإمارات بل تبدأ بها، لينتشر إشعاعها في عديد البلدان والمجتمعات، وعلى هذا النسق جاء إنشاء مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» التي تضم 33 مؤسسة ومبادرة، وتعد أكبر مؤسسة إنسانية وتنموية في المنطقة بحجم إنفاق بلغ 1.8 مليار درهم في العام 2017، وقد استفاد من برامجها ومشاريعها 69 مليون شخص في 68 دولة حول العالم. وتشمل أنشطة خدمية ومعرفية وعلمية وإغاثية، بما في ذلك الإسهام في حل مشكلة ندرة المياه لدى بعض الدول عبر مؤسسة سُقيا. وإنه لدرس بليغ للدول النامية ان يُسهم بلد هو في الأصل صحراوي، في مواجهة مشكلة المياه التي تعانيها مجتمعات شتى وذلك دون انتظار الانتظام في مبادرات كالتي تهيئها وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها.
وفي ضوء ذلك فإن منح درع جائزة العمل المجتمعي العربي من طرف الجامعة العربية هو بمنزلة شهادة مستحقة لنائب رئيس دولة الإمارات الذي أثبت أن المبادرات الخلاقة تمثل مصدر إشعاع وإلهام، ونموذجاً يحتذى، وبأقل استناد الى الثروة الطبيعية (النفط) وباعتماد أكبر على إطلاق الطاقات البشرية الكامنة وخاصة للجيل الشاب صانع المستقبل.
وفي واحد من هذه المؤشرات فقد نشرت مجلة «بيزنس إنسايدر» الأمريكية قبل أربعة أعوام تقريراً عرضت فيه قائمة بأكثر 18 مدينة ابتكاراً وتطوراً في العالم، وذلك بالاعتماد على مجموعة مقاييس تبدأ من عدد براءات الاختراع إلى ارتفاع ناطحات سحاب. وقد جاء مركز دبي متقدماً على ميونيخ الألمانية وسيؤول الكورية الجنوبية وحتى طوكيو اليابانية. فيما تقدمت دولة الإمارات ب 21 ترتيباً هذا العام 2018 عما كانت عليه قبل سبع سنوات، حيث تبوأت المركز الأول إقليمياً، والسابع عالمياً وفقاً للكتاب السنوي للتنافسية العالمية متقدمة على دول مثل النرويج وكندا والسويد، وذلك بطبيعة الحال دون التقليل من مكانة هذه الدول على صعيد التنمية الشاملة والتقدم الحضاري.
بهذا، وبينما كان اسم مدينة دبي (كشأن أبوظبي وشقيقاتها حواضر الإمارات) قبل نصف قرن من الزمن متداولاً على نطاق يكاد يشمل العالم العربي وبعض العالم الإسلامي وشبه القارة الهندية، فإن دولة الإمارات باتت في سباقها مع الزمن تتمتع بالمركز السابع عالمياً، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا جهود الرواد والمؤسسين واضعي اللبنات الأولى في الصرح الكبير، ولولا عزم أبناء هذا الوطن وكفاحهم الموصول، وسواعد المقيمين فيه، ولولا الأفق المتفتح والرهان الصائب على التقدم، مما استحق معه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بجدارة وبغير مُنازع أول درع للعمل المجتمعي العربي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب ومعلق سياسي، قاص وروائي أردني-فلسطيني، يقيم في عمّان وقد أمضى شطرا من حياته في بيروت والكويت، مزاولاً مهنة الصحافة. ترجمت مختارات من قصصه إلى البلغارية والإيطالية والإنجليزية والفرنسية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"