صوت المغرب العربي

04:23 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

ردات الفعل التي أثارتها زيارة وفد «إسرائيلي» برئاسة وزير الحرب السابق عمير بيرتس للمغرب مؤخراً للمشاركة في المناظرة الدولية التي تقيمها الجمعية البرلمانية لدول البحر المتوسط، سواء على مستوى البرلمانيين المغاربة، أو الأحزاب المغربية، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن دلت على شيء فإنما تدل على وعي شعبي عربي قوي ليس بخطورة التطبيع مع الاحتلال الصهيوني وحسب، وإنما بمخاطر استمرار الاحتلال ذاته في هذه المنطقة باعتباره رأس حربة لكل المشاريع الاستعمارية التي تسعى لتفتيت المنطقة والسيطرة عليها.
ولذا يمكن القول، إنه ليس مستغرباً أبداً حدوث تلك المشادة الكلامية التي وقعت بين برلمانيين مغاربة والوفد «الإسرائيلي» برئاسة بيرتس ومن ثم طرد الوفد من قاعة مجلس المستشارين، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على الفهم الحقيقي للدور «الإسرائيلي» في العقل والوجدان الشعبي العربي، رغم كل محاولات التطبيع التي تتخذ من ذريعة البحث عن السلام مبرراً لها، على الرغم من أن كل مسيرة التسويات السلمية مع الاحتلال على مدى تاريخ الصراع الطويل، أثبتت رغم كل التنازلات التي قدمها الجانب العربي، مجتمعاً أو عبر الصفقات الانفرادية، أن هذا الاحتلال غير معني بالسلام مع العرب، وإنما يهدف إلى الهيمنة على المنطقة، وهو ما دفع بمجموعة العمل الوطني من أجل فلسطين في المغرب إلى التعبير عن الغضب الشعبي المتصاعد والرافض لهذه الزيارة معتبرة أن هذا الأمر يشكل خطراً جدياً على مسيرة الصراع.
ونستطيع القول إن طرد الوفد «الإسرائيلي»، الذي شمل بالإضافة إلى بيرتس، مجلي وهبي، الذي علا صوته بالشتائم والصراخ، مثل الرد الشعبي العربي الواضح على محاولات الاحتلال اختراق الصف العربي من أبواب البرلمانات والندوات الدولية والقارية. ودخول القتلة الصهاينة إلى بلادنا بلباس برلمانيين أو حمائم سلام مخادعة، وهو ما عبر عنه بوضوح البرلماني المغربي عبد الحق حيسان الذي صرخ في وجه بيرتس «هذا مجرم.. مجرم حرب.. وعليه أن يخرج»، وتوجّه إلى أحد أعضاء البرلمان بجانب الوزير «الإسرائيلي» السابق وقال له «أنت صهيوني.. وعار عليك ونرفض تصرفك وتصرف أمثالك في البرلمان».
وعاد حيسان وتوجه لبيرتس بالقول «أنت مجرم ضد الإنسانية قتلت الأطفال والأبرياء، ويجب أن تغادر البرلمان، ونحن نرفض حضورك وحضور الوفد المرافق لك».
ولذا نقول إن ما جرى في البرلمان المغربي يمثل في الواقع الرد الطبيعي والمناسب على جرائم الاحتلال «الإسرائيلي»، القائم على الجريمة، والمتنكر لكل المواثيق والأعراف الدولية، وحتى اتفاقيات السلام المنفردة التي نجح في توقيعها مع بعض العرب.
ولعل أوضح دليل على ما نقول هو مسرحية المفاوضات الشيطانية الفلسطينية - «الإسرائيلية» والتي لم توصل الجانبين إلى أي سلام واقعي، وإنما كانت غطاءً استخدمه الصهاينة لشرعنة احتلالهم للأراضي الفلسطينية، أولاً، وتخفيف تكاليفه ثانياً، عبر إعطاء السلطة الفلسطينية إدارة شكلية لأراض محتلة، تتوسع فيها يوماً بعد يوم شبكة مستعمرات استيطانية، تجعل من الصعب بل ومن المستحيل إقامة دولة فلسطينية في الأراضي التي احتلها الصهاينة في عام 1967، رغم أنها تشكل أقل من خمس الأراضي الفلسطينية التاريخية، ناهيك عن إمعان الاحتلال العنصري بتوزيع اعتداءاته على العرب هنا وهناك بشكل مباشر، أو عبر زرعه شبكات التجسس التي تمارس التخريب والاغتيالات، وما شابهها من الممارسات والجرائم المتواصلة ضد الدول العربية بلا استثناء.
وأخيراً، لابد من القول إن ما جرى في البرلمان المغربي، يثبت بالدليل القاطع أن الاحتلال الصهيوني كان ومازال وسيبقى في الوجدان العربي، نموذجاً صارخاً للظلم والعدوان، رغم كل محاولات المطبعين أو اللاهثين وراء سراب السلام مع هذا العدو التاريخي لأمتنا العربية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"