صوت رافض ل «إسرائيل» من إفريقيا

03:33 صباحا
قراءة دقيقتين
نبيل سالم
من «الأبارتيد» إلى محاربته أقدر الناس على وصف المرض، أو الألم هم الذين ذاقوا مرارة طعمه، وربما هم الأكثر خوفاً، والأشد حرصاً في الابتعاد عن كل ما يسببه، هذا الكلام دفعنا إليه موقف جاء من أقاصي إفريقيا، بالتحديد من دولة جنوب إفريقيا التي عانى أهلها ردحاً من الزمن من آلام التمييز العنصري، الذي تمثل في نظام «الأبارتيد»، الذي يعتبر من أنظمة الفصل العنصري الأشهر في العالم، عبر سيطرة الأقلية البيضاء في دولة جنوب إفريقيا عام 1948، على عموم الشعب الجنوب إفريقي، والذي تم إلغاؤه سنة 1993م، بعد نضال طويل خاضه المناضلون الأفارقة ضد الطغمة العنصرية الحاكمة، حيث انتهى هذا النضال الشاق، والذي تزعمه المناضل العالمي نيلسون مانديلا إلى انتخابات ديمقراطية عام 1994.
مبرر التوقف عند هذه الحقبة وأثرها، هو في الواقع ما تقوم به دولة جنوب إفريقيا، مؤخراً من أنشطة تهدف إلى إجهاض محاولات رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو تطبيع العلاقات مع دول إفريقيا.
فبحسب ما جاء في القناة السابعة «الإسرائيلية»، فإن دولة جنوب إفريقيا تهدف إلى مقاطعة «إسرائيل» في أوساط الدول الإفريقية بعد محاولات نتنياهو عقد اتفاقيات مع بعضها لمنع تشكيل أغلبية ضدها في الأمم المتحدة.
ونقلت القناة عن دبلوماسي إفريقي قوله إن «إسرائيل» تتصرف بطريقة مروعة بحصارها لقطاع غزة وتتسبب بمعاناة كبيرة للفلسطينيين، وأن بلاده ستدعو الدول الأخرى إلى حوار حول ضرورة مقاطعة «إسرائيل» وعدم تعزيز العلاقات معها.
موقف جاء من هناك من القارة السمراء، من مكان تذوق أهله مرارة الظلم على يد العنصريين البيض ردحاً طويلاً من الزمن، وهو يعكس تفكيراً ونهجاً سياسياً وأخلاقياً مغايراً تماماً لتلك المواقف التي مارسها العنصريون البيض قبل سقوط نظامهم المقيت، لكنه يدعو للمقارنة بينه وبين مواقف الداعين للتطبيع مع الكيان الصهيوني، على الرغم من إمعان هذا الكيان في تجاهل كل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بل وإسرافه في اعتداءاته المتواصلة على المواطنين الفلسطينيين، وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية، سواء من قبل جيش الاحتلال أو قطعان مستوطنيه أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.
وبالعودة إلى الموقف الجنوب إفريقي الرامي إلى محاصرة مساعي الكيان الصهيوني، الهادفة إلى التغلغل في القارة السمراء وتشكيل تحالفات بينه وبين بعض الدول الإفريقية لاستثمارها في الأمم المتحدة أو غيرها من منصات المجتمع الدولي الأخرى، نقول إنه من المفارقة الحقيقية أن يكون موقف جنوب إفريقيا أكثر جرأة وقوة من مواقف الكثير من المعنيين الأساسيين بالصراع العربي الصهيوني.
وعلى الرغم من أن مثل هذه المواقف الدولية المتقدمة ليست نادرة في تاريخ الصراع العربي «الإسرائيلي»، حيث لاقت القضية الفلسطينية تأييد ومساندة الكثير من دول العالم، إلا أن موقف جنوب إفريقيا هذا الذي يأتي في وقت يشهد فيه الموقف العربي تراجعاً كبيراً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يدفع للتذكير من مخاطر التراخي مع السياسة العدوانية الصهيونية، والدعوة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، قبل نيل الشعب الفلسطيني لأبسط حقوقه الوطنية، لأن من شأن هذا التراخي أن يشجع الكيان الصهيوني على التمادي أكثر في تجاهل الحقوق العربية، وتكثيف اعتداءاته على الشعب الفلسطيني، بدلاً من دفعه إلى السلام.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"