عين الفلسطينيين ومخرز الاحتلال

05:06 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

يزيد عمر الصراع الفلسطيني-«الإسرائيلي»،منذ احتلال فلسطين،وحتى يومنا هذا على سبعين عاماً، لكن أحداً لا يستطيع الزعم، بأن عشرات السنين هذه،استطاعت أن تفت من عضد الشعب الفلسطيني المقاوم، أو أن تضعف يقينه بعدالة قضيته، رغم الكثير من الإحباطات التي رافقت النضال الفلسطيني،لأسباب كثيرة منها ما هو ذاتي،ومنها ما هو موضوعي أيضاً.
ومن يتابع مسيرة النضال الوطني الفلسطيني،يلاحظ بوضوح، أنه رغم بعض الانكسارات في المسار الكفاحي،بسبب شراسة الهجمة الاستعمارية، والدعم القوي الذي تتلقاه «إسرائيل» من الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، إلا أن حركة النضال الشعبي الفلسطيني وآليات مقاومة الاحتلال،لم تتوقف يوماً، بدءاً من فعاليات النضال السياسي، والحراك السلمي المقاوم للاحتلال،مروراً باستخدام الحجارة والمقاليع وكافة الوسائل الدفاعية البسيطة،إلى استخدام السلاح، في المواجهة المشروعة مع الاحتلال.
وعلى مدى سبعين عاماً ونيف قدم الشعب الفلسطيني المظلوم،الكثير من التضحيات، بدءاً من مئات الآلاف من الشهداء، الذين استشهدوا على مذبح الحرية الفلسطيني، ومثلهم من الجرحى والمعاقين بسبب اعتداءات الاحتلال اليومية،أو الآلاف من الأسرى القابعين في سجون الاحتلال «الإسرائيلي»، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الفادحة، التي دفعها الفلسطينيون بسبب الاحتلال سواء الذين يعيشون منهم داخل الأراضي المحتلة أو خارجها،حيث يعاني الملايين من التشرد في المنافي البعيدة.
وعلى الرغم من الفارق الكبير في ميزان القوى بين الفلسطينيين وأعدائهم،الغارقين حتى آذانهم بترسانات الأسلحة الغربية،والأمريكية خاصة، إلا أن المقاومة الفلسطينية الشعبية للاحتلال أثبتت استمرارية لا يمكن وقفها إلا بزوال الاحتلال،أو على الأقل تسوية عادلة للصراع تضمن لهذا الشعب حقه في العيش بحرية وكرامة، وإقامة دولته الوطنية على تراب وطنه السليب.
ولعل ما يلفت النظر في مسيرة الكفاح الفلسطيني، والتجربة النضالية الفلسطينية، تلك الأدوات النضالية الكثيرة التي استعملها ضحايا الاحتلال «الإسرائيلي» في الدفاع عن أنفسهم،ومواجهة المحتل.
والحقيقة التي لا يمكن نكرانها هي أن الشعب الفلسطيني رغم ظروفه الصعبة، إلا أنه قادر دائماً على ابتكار الوسائل الجديدة للنضال،لاسيما مع تجذر ايمانه بحقه في وطنه،وهو حق يتوارثه عن أجداده.
وفي هذا المجال تحتل الطائرات الورقية الفلسطينية،صدر المشهد الفلسطيني، خلال المظاهرات الشعبية المتواصلة ضد الاحتلال.
فبالرغم من أن «إسرائيل» تعيش حالياً في نشوة قوتها في ظل ما اعترى الدول العربية من خراب،بعد ما سمي ب«الربيع العربي»،إلا أن القلق لا يفارقها بسبب إخفاقها رغم كل هذه القوة والانحياز الأمريكي والغربي لها في تصفية القضية الفلسطينية وفق المعايير «الإسرائيلية». فالشعب الفلسطيني الذي كان مطلوباً رأسه لا زال يناضل من أجل تحرير أرضه وانتزاع حقوقه، بل ويدهش المحتل بما يبتكره من أساليب نضالية، والتي آخرها تلك الطائرات الورقية، التي يلهو بها أطفال فلسطين، لتشكل عامل قلق جديداً، «لدولة»الاحتلال التي تعتبر الأقوى عسكرياً في المنطقة.
وحسب الناطق باسم قوات الاحتلال «الإسرائيلي» فإن الشبان على حدود غزة صعدوا من هجماتهم بالطائرات والبالونات المشتعلة،ما تسبب في اشتعال عشرات الحرائق،وخاصة في مستوطنة سديروت حيث أدت سحب الدخان في الجنوب إلى إغلاق بعض الطرق، كما أمر الجيش «الإسرائيلي» السكان بعدم لمس الطائرات الورقية، خشية أن تكون مفخخة.
إنه أسلوب نضالي جديد يثبت أن الفلسطينيين شعب لن يتنازل عن حقوقه، وأن لديه القدرة على ابتداع وسائل جديدة ومبهرة من المقاومة السلمية، أو المسلحة إن دعت الحاجة تجعل قادة الاحتلال عاجزين عن تنفيذ مخططاتهم بتصفية القضية الفلسطينية، رغم كل الدماء التي سالت وتسيل من الجسد الفلسطيني الجريح.
وكما حول أبناء فلسطين وأطفالها حجارة بلادهم لسلاح في وجه الجلاد، يحولون اليوم ألعابهم وطائراتهم الورقية إلى سلاح جديد، ليثبتوا أن العين التي تمتلك الحق قادرة على مواجهة مخرز الباطل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"