فساد اقتصاد الظل

03:44 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعظيم محمود حنفي
يسمى اقتصاد الظل أيضاً الاقتصاد الخفي، أو الاقتصاد غير الرسمي، أو الاقتصاد الموازي، وهو لا يشمل الأنشطة غير المشروعة فقط بل يشمل أيضاً أشكال الدخل التي لا يبلغ عنها والمتحصلة من إنتاج السلع والخدمات المشروعة، سواء من المعاملات النقدية أو التي تتم بنظام المقايضة. ومن ثم فإن اقتصاد الظل يشمل جميع الأنشطة الاقتصادية التي تخضع للضريبة العامة بشكل عام إذا ما أبلغت بها السلطات الضريبية.
وعادة ما يكون حجم اقتصاد الظل أصغر في البلدان التي تكون معدلاتها الضريبية منخفضة نسبياً، وعدد قوانينها ولوائحها التنظيمية محدوداً، وحكم القانون فيها راسخاً. وتشير دراسات صندوق النقد الدولي إلى أن القوة الدافعة الرئيسية وراء حجم اقتصاد الظل ونموه هي تزايد أعباء المدفوعات الضريبية ومدفوعات الضمان الاجتماعي، مع خضوع سوق العمل الرسمية لقيود متزايدة. كذلك تقوم معدلات الأجور في الاقتصاد الرسمي بدور في هذا الصدد.
تضيف الضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعي إلى تكلفة العمالة في الاقتصاد الرسمي، وبالتالي فهي من العوامل الرئيسية لنمو اقتصاد الظل. وكلما ازداد الفرق بين التكلفة الكلية للعمالة في الاقتصاد الرسمي وصافي إيرادات العمل بعد خصم الضرائب، قويت الدوافع لدى أصحاب العمل والعاملين على تجنب هذا الفرق والمشاركة في اقتصاد الظل.
ويمكن أن تؤدي اللوائح الحكومية إلى زيادة كبيرة في تكلفة العمالة التي تتحملها المؤسسات في الاقتصاد الرسمي. ومن بين هذه اللوائح اشتراطات الترخيص، ولوائح سوق العمل، والحواجز التجارية والقيود المفروضة على عمل الأجانب وحين تقوم وجهات العمل في الاقتصاد الرسمي بنقل عبء معظم التكاليف الإضافية ذات الصلة إلى العاملين فيها.
يميل حجم اقتصادات الظل إلى الصغر في البلدان التي تتسم المؤسسات الحكومية فيها بالقوة والكفاءة. وقد أظهرت بعض الدراسات بالفعل أن ارتفاع المعدلات الضريبية في حد ذاته ليس هو السبب في نمو اقتصاد الظل، بل السبب هو غياب الكفاءة واستخدام السلطة التقديرية في تطبيق الحكومات للنظام الضريبي واللوائح التنظيمية. وتجد أنشطة الظل أرضا خصبة بالفعل في أي اقتصاد مثقل باللوائح تتسم فيه الحكومات بعدم الكفاءة والتعويل على السلطة التقديرية في تطبيق القانون.وتورد الدراسات بعض الأنشطة التي تتيح الفرص أمام الفساد:
أولاً: وضع إجراءات تنظيمية أو إصدار تراخيص لمزاولة أنشطة معينة كفتح المتاجر أو قيادة سيارات الأجرة.
ثانياً: تقسيم الأراضي وغير ذلك من القرارات الرسمية المماثلة.
ثالثا: إدارة السلع والخدمات العامة، أو تيسير الحصول عليها.

رابعا: الرقابة على القرارات المتصلة بعقود الاستثمارات العامة.

خامسا: الرقابة على تقديم الحوافز الضريبية.

سادسا: الرقابة على عمليات التعيين والترقية في القطاع العام.
وقد كشفت عدة دراسات عن وجود ارتباط مباشر بين تخفيض مستوى الفساد في أي بلد ونطاق اقتصاد الظل فيها. وخلصت جميع الدراسات إلى أن حجم اقتصاد الظل يزداد كلما ارتفع مستوى الفساد.

* كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"