فلسفة الحقد «الإسرائيلية»

03:10 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

قد يتساءل البعض عن سر هذا العناد «الإسرائيلي» في رفض السلام، والإصرار على المضي قدماً، في سياسة العدوان والاضطهاد الذي يمارس بحق الشعب الفلسطيني المقاوم، رغم الكثير من التنازلات التي قدمها العرب، والفلسطينيون خاصة، للوصول إلى حل سلمي، يحقق الحد الأدنى على الأقل من حقوق الشعب الفلسطيني، سواء الرازح تحت الاحتلال أو في المنافي البعيدة.
وقد يكون هذا السؤال منطقياً في ظل فشل جميع المبادرات والجهود التي بذلت إقليمياً ودولياً، لحل الصراع العربي - «الإسرائيلي»، وهو أمر يدعو إلى الاستغراب.
لكن هذا الاستغراب سرعان ما يزول، إذا ما ألقينا نظرة على العقل اليهودي، والفلسفة الصهيونية، التي باتت تتحكم في سياسة دويلة «إسرائيل»، منذ إنشائها ظلماً على أرض فلسطين عام 1948 وحتى يومنا هذا.
فلو تتبعنا السياسات «الإسرائيلية»، لرأينا أنها نتاج فلسفة عنصرية، مغالية في كرهها وحقدها على الآخر، مثلت وما تزال الوعاء الذي يشرب منه كل «الإسرائيليين» والداعمين والمؤيدين لهم في الغرب، وهذا الوعاء ينضح في الواقع، بالكراهية للآخر، والحقد عليه، والنظر إليه بدونية، استناداً إلى التعاليم التلمودية، التي يتمسك بها الحاخامات اليهود، باعتبارها القوة الروحية والأخلاقية المنتجة في الحياة اليهودية.
والحقيقة المؤسفة أن هذا الحقد الأعمى على كل من ينتمي إلى «الأغيار» أي من هم ليسوا من اليهود، دفع بالعقل اليهودي إلى فكرة التعالي على الشعوب الأخرى، والزعم بأنهم شعب مختار من الله للسيادة على الآخرين، وهو منطق لا يتفق مع أي ديانة سماوية.
ويكفي هنا أن نعود إلى بعض ما تفوه به هؤلاء اليهود في مناسبات كثيرة، فها هو مناحيم بيجن وهو رئيس وزراء أسبق، يصف الفلسطينيين، أهل فلسطين الشرعيين، بأنهم مجرد «وحوش تمشي على قدمين»، أما رافائيل ايتان وهو رئيس الأركان السابق في «إسرائيل» فيسير في نفس الاتجاه العنصري، عندما يقول: «عندما استعمرنا الأرض، لم يكن باستطاعة كل العرب أن يفعلوا شيئاً سوى الالتفاف حول أنفسهم كالصراصير»، وهي عبارة تدل بشكل واضح على المستوى العنصري اللاأخلاقي لقادة الاحتلال. وكلنا نتذكر أيضاً دعوات الحاخام اليهودي المتطرف عوفاديا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، رغم كل مساعيه وتنازلاته التي قدمها للسلام وتمنياته باختفائه مع الشعب الفلسطيني من الوجود، ما يعبر عن نهج تمييزي وتعاليم تحض على ارتكاب جرائم الإبادة العنصرية.
ولذلك، فمن الطبيعي أن نشهد ممارسات عنصرية للاحتلال «الإسرائيلي» كل يوم، ومن الطبيعي أن نشاهد المستوطنين اليهود يحاولون تدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة أو غيرها من المدن الفلسطينية، وهذا أيضاً يوضح الأسباب التي تدعو نتنياهو إلى الإمعان في سياسة القمع الموجهة ضد الشعب الفلسطيني، وإصراره على تهويد القدس وتكثيف الاستيطان العنصري، لأنه في الواقع ابن نفس المدرسة العنصرية التي تربى فيها ملايين اليهود.
أخيراً، إن الرهان على السلام مع «إسرائيل»، هو رهان خاسر، لأن الحركة اليهودية لم تكن ولن تكون يوماً شريك سلام، وإنما مشروع تدمير واحتلال وإلغاء للآخر ليس إلا. وما لم يتم تفكيك هذه الحركة سيبقى البحث عن السلام مجرد رقص على صفيح ساخن، لن يجر إلا المزيد من الآلام والخسائر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"