ماذا عن الصومال؟

03:11 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعزيز المقالح

نعم، ماذا عن الصومال العربي، الصومال الإفريقي، الصومال القريب إلى العرب، البعيد عن اهتماماتهم؟ نعم، أكرر القول: ماذا عن هذا الصومال الذي عانى، ويعاني، ويعيش كثيراً من همومنا التي ما برحت تتزايد وتنمو؟

من الواضح أنه لا الصومال، ولا غير الصومال، سوف يحظى بعناية عربية، من أي نوع، مادام هذا هو حالنا العربي، تمزق، وتشرذم، وخلافات تجر بعضها بعضاً. ولكي يبدأ الاهتمام بالآخر القريب منا المشارك لنا في همومنا، لا بد أن نتخلص من الأعباء الثقيلة التي عانيناها، ونعانيها. ولا أخفي أن هذه الإشارات قد تكررت كثيراً في سلسلة الأحاديث التي يتم نشرها تباعاً في هذه الصحيفة الجليلة، وكلما حاولنا الفرار من الإشارة إليها وجدنا أنفسنا منساقين إليها بحكم سيطرتها على شؤوننا، وعدم قدرتنا الإفلات من قبضتها الحادة.

وأعتقد أننا لو خطونا خطوة واحدة نحو التغيير الممكن، لكانت خطواتنا قد تلاحقت وحققت هدفها، لكننا - للأسف الشديد - لم نحاول، ولم تتحرك أقدامنا الثقيلة عن موضعها.

فالشعوب المتقدمة لا يتوقف أبناؤها عن الحركة، لذلك فالحياة هناك في حالة من التغيير الدائم. وحين نقول إن في تلك الشعوب ما يمكن اعتباره قدوة ومثالاً للحذو حذوه، فإن الواقع الجامد يحول بيننا وتلك القدوة. ولهذا فمن الصعب أن نتخيل حالنا وقد تغير مما هو عليه، وصار مختلفاً ولو في الحد الأدنى. فالجمود لا ينتج سوى الجمود، مثلما أن الحركة لا تنتج سوى حركة مثلها.

وليس لنا في ظروف كهذه إلا أن نقاوم ونحاول أن نتحرك ونلحق بركب الشعوب التي سبقتنا أشواطاً مديدة، وخلفتنا وراءها لنعاني فقدان أبسط المقومات، وتجعلنا في منأى عن الاهتمام بأهلنا القريبين منا، والبعيدين، كحالنا مع الصومال الشقيق وغيره من الأقطار التي تربطنا بها روابط العروبة، والأخوة.

وكلما قلنا إن ما نعانيه ليس سوى حالة عابرة، أثبتت الأيام أنها حالة شبه مقيمة، لا عابرة، وأن مخاطرها تتزايد، وتباعد ما بيننا، والحلول المقترحة من هنا، وهناك لا تجدي نفعاً.

وكما سبقت الإشارات، وتكررت، فإننا لن نتوقف عن دق الأجراس واستنهاض الهمم، والدعوة إلى الخروج من المأزق الراهن. والكلمة هي كل ما بأيدينا وما في مقدورنا فعله، وهو خير من الصمت، وما يلحقه من إغراق في الجمود. ورب كلمة استطاعت، ولو بعد حين، أن تحرك نبض الشارع، ونبض الحياة في السطور.

ومهما قيل عن أن لا جدوى للكلام، فإن الواقع والمتغيرات أثبتت أن للكلمة دورها، وفعلها، وهو ما يتجلى في حياة الآخرين الذين عرفوا طريق النهوض، وساروا عليه منذ وقت طويل، ولم يتوقفوا خوفاً من أن يعود بهم التوقف إلى ما كانوا عليه من تخلف وركود.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"