ما الذي يملكه الفقراء؟

05:35 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبد العظيم محمود حنفي
يعزى الفقر لأسباب معقدة ومتعددة الأبعاد، حيث تشمل الثقافة والمناخ ونوع الجنس والأسواق والسياسة العامة، ضمن جملة أسباب أخرى.
وهناك تسليم عام بأن الاستقرار الاقتصادي واسع النطاق ووجود أسواق قادرة على المنافسة واستثمارات عامة في البنية التحتية المادية والاجتماعية هي متطلبات مهمة لتحقيق النمو الاقتصادي المستمر والتخفيف من حدة الفقر في المناطق الريفية.
والجدير بالذكر أن خمس سكان العالم تقريبا يرزحون تحت وطأة الفقر. ويمثل فقر الريف حوالي 63 % منه على مستوى العالم. وفي معظم أنحاء العالم تقريبا، يواجه فقراء الريف ظروفا أسوأ بكثير من التي يواجهها الفقراء في المناطق الحضرية.
والفقر ليس مجرد حالة من حالات الوجود بل عملية تنطوي أيضا على كثير من الأبعاد والتعقيدات، فالفقر يمكن أن يكون مستمرا (مزمنا) أو عارضا، ولكن الفقر العارض إذا ما اتسم بالحدة، يمكن أن يوقع في شركه أجيالاً متتالية. ولكي نفهم كيفية نشوء الفقر في المناطق الريفية وآثاره على المجموعات المختلفة فنحن بحاجة إلى التعرف على الأصول التي يملكها الفقراء أو التي يتاح لهم الاستفادة منها والصلات التي تربطهم بالاقتصاد. وتتأثر الظروف الاقتصادية التي يواجهها فقراء الريف بما في حوزتهم من أصول متنوعة (وعائداتها) على مستوى الأسرة المعيشية والمجتمع المحلي والمجتمع المحلي الأعلى. وتشتمل الأصول المادية للفقراء على رأس المال الطبيعي (حقوق الملكية الفردية والمشتركة للأراضي والمراعي والغابات والمياه) والآلات والأدوات والإنشاءات، والمتوفر من الحيوانات الأليفة والغذاء والأصول المالية (مجوهرات وتأمين ومدخرات وائتمان متاح).
وتنعكس الفوارق بين فقراء الريف بدرجة أوضح في علاقاتهم بالاقتصاد، الأمر الذي يحدد كيفية استخدامهم للأصول ومشاركتهم في الإنتاج. ويشتغل جميع فقراء الريف في إنتاج السلع والخدمات التجارية وغير التجارية. فالعمال الحرفيون وغير المهرة يقدمون عددا كبيرا من الخدمات غير التجارية وبعض المنتجات غير التجارية (كالأغذية الأساسية) التي ينتجها أيضا صغار المزارعين. غير أن المزارعين فقط هم الذين تتوفر لديهم قطع أرض صغيرة من خلال التملك أو الاستئجار. وهم أيضا المجموعة الوحيدة من الفقراء التي تمتلك أو تستأجر رأس المال المادي كالأدوات والمعدات والآلات. ويمتلك الحرفيون وصغار المزارعين مقادير محدودة فحسب من رأس المال المادي، ولا يتوفر لهم سوى قدر محدود من الأصول المالية يحصلون عليه في الغالب من خلال وكلاء أو مؤسسات غير رسمية، باستثناء المستأجرين الذين يمكنهم الحصول على الائتمان الرسمي عن طريق أصحاب الأراضي. وغالبا ما يكون رأس المال المقترض مكلفاً ويستخدم لأغراض الاستهلاك في الأوقات العصيبة أو لشراء المستلزمات والمعدات المطلوبة للزراعة.

* كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"