مصر في دائرة الاستهداف الإرهابي

03:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

التطوُّرات التي حدثت في مصر في السنوات القليلة الماضية، ولا سيما خلال الشهور الأخيرة، واستشراء خطر تنظيم «داعش» الإرهابي، سواء في سيناء، أو مناطق مصرية أخرى، يشير بوضوح إلى أن مسلسل الإرهاب الأعمى الذي ضرب المنطقة، في إطار مؤامرة استخباراتية غربية كبيرة، لم ينته، ولم ينجز الدور المطلوب منه بعد، وهو تدمير كل مكونات القوة العربية. إذ سعى هذا التنظيم الإرهابي مؤخراً إلى تكثيف عملياته الإجرامية بشكل واسع، على بعض الأراضي المصرية، تماماً كما فعل في سوريا والعراق، مستخدماً الأساليب الإجرامية نفسها التي استعملها في هذين البلدين، حيث يعمد إلى استهداف المراكز الأمنية، والمؤسسات الحكومية، وقوات الجيش المصري في مناطق مختلفة ، في إطار مخطط رهيب يهدف إلى تقويض الدولة المصرية، وجر المجتمع المصري، إلى أتون الفتنة الطائفية، التي إن حصلت، لا قدر الله، فإنها ستأتي على مقدرات الدولة، وتصيب الاقتصاد المصري بالشلل، وبالتالي زيادة أعباء المواطن المصري، وصولاً إلى القضاء على الدور المصري المهم في المنطقة.
ولو حاولنا تتبع مسار الأحداث في مصر، ولا سيما في السنوات الثلاث الأخيرة، سنلاحظ أن هذا التنظيم الإرهابي كثف خلاياه داخل مصر، واستطاع تجاوز المرحلة الأولى من عمره أي (مرحلة البناء). وأنه بدأ في الآونة الأخيرة بمرحلة التمدد والانتشار، عبر تكثيف أنشطته الإرهابية في مناطق مختلفة في مصر، الأمر الذي تجلَّى بوضوح منذ الثلث الأخير من العام 2016 وحتى الآن.. سواء لجهة التركيز على استهداف الأقباط، أو استهداف المسيحيين، والقوات المسلحة، وأجهزة الأمن والشرطة، وحتى رجال القضاء في هذا البلد العربي الكبير الذي لعب دوراً محورياً على مدى سنوات طويلة في الصراع مع العدو الصهيوني.
والحقيقة أن ما يجري في مصر لا يمكن استبعاده أبداً عن المسلسل الدامي الطويل، الذي تشهده المنطقة العربية، عبر توالد التنظيمات الإرهابية التي تستخدم الدين كغطاء لتبرير جرائمها، بدءاً من تنظيم القاعدة وصولاً إلى تنظيم «داعش»، النسخة الأحدث لهذا الفكر الإرهابي الموغل في التطرف، وأن هذه التنظيمات الإرهابية التي صنعت في أقبية الاستخبارات الغربية، لا همّ لها سوى القتل والتدمير، كما حصل مؤخراً في جريمة الواحات التي ذهب ضحيتها العشرات من رجال الشرطة المصريين، والتي تؤكد أن مسلسل الدم لن يتوقف ما لم تتم معالجة جذوره، وأن محاربة الإرهاب تستدعي تضامن العالم كله، خاصة في ظل وجود قوى كبرى تقوم برعاية هذا الإرهاب، وتمويله، في إطار استراتيجية الحرب غير المباشرة التي أغرت هذه القوى بتطبيقها بشكل واسع من خلال صناعة تنظيمات دينية أصولية، في إطار جهودها العملية على الأرض لضرب الجبهة الداخلية، وتفكيك مطالب الاستقلال والتحرر الوطني، عبر صنع دوائر شقاق وصراعات داخلية تغلق الطريق على توحد الجبهة الوطنية الداخلية، وتبنيها لأجندة مطالب وأهداف واضحة وذات إجماع وطني شامل، وهو ما يطلق عليه حروب الجيل الرابع لإعادة صياغة معادلة الصراع، وشكل المواجهات عالمياً وفي منطقة الشرق الأوسط، وفي جبهات حرب غير مباشرة.
إن مصر في دائرة الاستهداف الإرهابي، ويبدو أن الإرهاب لن يقف عند حدود مصر أو هذه الدولة العربية أو تلك، وإنما سيطال بشرّه دول المنطقة كلها، وحتى العالم، ما لم يكن هناك خطط وإصرار صادق وحقيقي على محاربة آفة الإرهاب هذه، وقبل كل شيء فضح الجهات التي تدعمه، وتقدم له الرعاية، من تحت الطاولة ومن فوقها، خدمة لأجنداتها المصلحية الضيقة.
والضربات القاصمة التي تعرض لها تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، وإن كانت مؤلمة، إلا أنها تحتاج إلى متابعة دائمة، تنطلق في الأساس من معالجة أسباب هذه الظاهرة الإجرامية، وكشف داعميها، لأنه من دون خطوات كهذه سيبقى الإرهاب مثل كرة النار التي تتدحرج من مكان إلى آخر، ليس في منطقتنا العربية التي هي في دائرة الاستهداف منذ عقود، وإنما في العالم أجمع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"