هل الإرهاب مهنة؟

03:02 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

يتساءل كثيرون بعد كل حادث إرهابي أليم، هل هذه الحادثة بسبب التطرف الديني أم هي مهنة أوكلت لبعض المنظمات الإرهابية التي ترفع شعارات دينية مزيفة من قوى الشر، مهمتها الأولى زرع الكراهية بين أصحاب الأديان والمذاهب، وأيضاً زعزعة الأمن وترويع الناس والضغط على الحكومات لتلبية مطالبها غير الشرعية.
فما حدث في العالم مؤخراً من أحداث إرهابية هزت العالم بأسره، سواء في نيوزيلندا أو سريلانكا، كان هدفه خلق توتر جديد في المجتمعات، فالقاتل هو الإرهابي، والمقتول هو إنسان بريء كان يمارس شعائره الدينية، والرابح بالتأكيد هي قوى الشر.
للأسف، فإن قوى الشر لها الخبرة المهنية الكبيرة في خلق مثل هذه الأحداث، مستغلة الجماعات المتطرفة التي تتغذى على المال ووعود السلطة، وعلى الرغم من أنها تنفذ جرائمها الإرهابية فإنها في نهاية المطاف تتم تصفيتها كما حصل في أحداث سريلانكا، حيث تم رمي العناصر الإرهابية إلى الحكومة السريلانكية لتصفيتها، وهنا للأسف يتم إغلاق هذه القضية، دون البحث عمن وراء هؤلاء من مخططين وداعمين دوليين.
فقوى الشر العالمية يجب أن تضحي بعناصرها الإرهابية ليتم تشتيت الأمن والرأي العام، ثم تختبئ في الظلام لتخطط لضربات وحشية أخرى.
دعونا نتفق على أن الإرهاب لا دين ولا لون ولا عرق له، ولا يمتلك أية حجة سوية، إنه فقط ينفذ أعمالاً تخريبية ومعادية للبشرية. ولكن ماهي الآلية التي تتخذها قوى الشر العالمية لخداع الجماعات المتطرفة؟ يبدو أن المال يلعب دوراً كبيراً من خلال إغواء هؤلاء بالمال والسلطة، ثم يتم استغلالهم بشكل مباشر بشعارات مزيفة، ليقوموا بتنفيذ الأوامر بشكل أعمى، والمهم أن يكون الهدف محققاً والنتائج كبيرة ووخيمة. وكلما كانت العملية أكثر وحشية تجاه الضحايا، كلما كان تحقيق أهداف هؤلاء أكبر، ولا يهم ما دينهم أو لونهم، ولكن المهم أن تكون أعداد الضحايا كبيرة.
إن جهود محاربة الإرهاب لا تأتي فقط بنشر البيانات وعقد المؤتمرات من دون تطبيق. فمما لا شك فيه أن دول العالم تتفق على محاربة الإرهاب، ولكن تطبيقها لا يأتي من خلال المنابر الإعلامية أو المؤتمرات الدولية، إنما يأتي بالعمل الفعلي والاستراتيجية الواضحة لدحر أوكار الإرهاب جذرياً، وتجفيف منابعه الأصلية، وقطع الأذرع التي تمده بالدعم أو التمويل.
وللأسف فإن الجماعات المتطرفة المتعصبة تعمل على نشر أفكارها الشاذة من خلال خطاب الكراهية ضد الآخر مستغلة باب حرية التعبير أو تغافل الحكومات عنها.
إن أكثر الفئات عرضة لغسل أدمغتها هي فئة الشباب التي تشكل الأغلبية في المجتمعات، ويكون التأثير فيها أكبر وبالأخص في المجتمعات التي تكثر فيها البطالة والفساد، فاصطيادها سهل جداً، وغسل أدمغتها يكون في البداية عبر شعارات مزيفة واستخدام التحريض الديني والعرقي، وشحنها طائفياً أو عرقياً، إلى غير ذلك من وسائل الشحن التي تجعل الشاب يعيش في أوهام وهو يظن أنه على حق، وبعدها يصبح سلاحاً فتاكاً ضد البشرية.
ومن هنا تأتي مسؤولية الدول التي تسمح قوانينها لهؤلاء بالاستمرار في استخدام خطابات الكراهية والتحريض وزعزعة الأمن العام.
وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة التي تصدر عن بعض الأجهزة الأمنية العالمية التي تحذر من مخاطر هؤلاء، فإن الفساد الذي يطال مؤسسات بعض الدول مع الأسف، أو تغاضيها أحياناً، تجد صعوبة كبيرة في منع مثل هذه الأحداث الإرهابية الشنيعة.
إن نموذج دولة الإمارات في محاربة الإرهاب هو نموذج يجب أن يحتذى، سواء بقوانينها وتشريعاتها ودور الأجهزة الأمنية فيها، أو بمؤسساتها الدينية والإعلامية والمؤسسات الأخرى التوعوية التي تسعى جاهدة إلى توعية المجتمع بمخاطر الإرهاب والجماعات الإرهابية. فاليوم يعيش كل البشر في دولة الإمارات ينعمون بالحرية، آمنين على أرواحهم، ويمارسون شعائرهم الدينية بحرية دون خوف من الإرهاب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"