يوم الأرض الفلسطيني

01:48 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

قبل أربعة عقود ونيف، فجر الفلسطينيون، الذين تشبثوا بأرضهم رغم الاحتلال «الإسرائيلي» الظالم، يوم غضب شعبي عارم في وجه المحتل، معيدين بذلك اللحمة لشطري الوطن الفلسطيني، الذي تشظى بفعل جرائم الاحتلال، مؤكدين بدماء شهدائهم عروبة الأرض الفلسطينية، وأن النضال الوطني الفلسطيني يبقى متقداً ما دام الاحتلال قائماً، وأن من يصفهم إعلام العدو ب«عرب «إسرائيل»، هم جزء لا يمكن أن يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، وأن انتماءهم وبوصلتهم النضالية تبقى موجهة نحو الاحتلال «الإسرائيلي»، مهما حاول المحتلون، في مساعيهم لتجزئة الشعب الفلسطيني، وتشتيت قواه النضالية.
فعلى الرغم من مرور أكثر من أربعين عاماً، على انتفاضة «يوم الأرض»، إلا أن هذا اليوم ظل ماثلاً في الوجدان الجمعي للشعب الفلسطيني، ومناسبة لتأكيد حقوقه الوطنية المشروعة، رغم كل آلة القمع وجرائم الاحتلال.
ومنذ أيام أعاد الشعب الفلسطيني، في ذكرى «يوم الأرض»، الاعتبار أولًا وقبل كل شيء لحق العودة؛ من خلال إعلان مسيرة العودة، ونصب الخيام على امتداد الحدود بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وأطلق المسيرات على امتداد أرض فلسطين؛ حيث تبدو على مرمى حجر أراضيهم المحتلة. وكما هي الحال في قطاع غزة، جسد الفلسطينيون ذكرى «يوم الأرض» في الضفة الغربية، وحتى خارج فلسطين المحتلة، بفعاليات نضالية شملت مختلف مناطق التواجد الفلسطيني، ولا سيما المخيمات الفلسطينية.
وفي «يوم الأرض»، الذي شهد جريمة «إسرائيلية» جديدة بحق الشعب الفلسطيني، أدت إلى استشهاد وجرح المئات من الفلسطينيين، إلا أن فعاليات «يوم الأرض» ولا سيما مسيرة العودة، أكدت تمسك الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه بالعودة كحق مقدس لأهل الأرض، وأن هذا الشعب المناضل، لا يمكن أن يستكين، أو يضعف أمام جرائم وجبروت الاحتلال.
فمسيرة العودة، والفعاليات النضالية، التي رافقتها، يمكن اعتبارها الخطوة الأكبر والأهم، على مستوى الوعي والذاكرة في وجه محاولات تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة ما يُسمى بـ«صفقة القرن».
كما أنها تثبت أن سياسة التجويع والحصار، التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد أهلنا في فلسطين المحتلة، وخاصة في قطاع غزة، لم ولن تنجح في ترويض إرادة الشعب الفلسطيني، وإرغامه على القبول بالاحتلال كأمر واقع مهما طال الزمن.
بالمقابل فإن مسيرة العودة كانت مناسبة أيضاً لتكشف للعالم الوجه الحقيقي ل«إسرائيل»؛ حيث استهدف قناصة جيش الاحتلال مسيرة سلمية، تعد تعبيراً عن الرأي، في الوقت الذي تحاول فيه الآلة الإعلامية «الإسرائيلية» والغربية الداعمة لها تصوير «إسرائيل» كواحة ديمقراطية.
كما أنه لا يجب التغاضي أبداً عن أن نضال الشعوب المقهورة ضد مستعمريها، هي عملية تراكمية، لابد وأن تغير الوقائع على الأرض، التي يحاول المحتلون إبقاءها كواقع قائم، يعتقدون بإمكانية استمراره مدى الحياة.
وعليه فإن مسيرة العودة التي انطلقت في ذكرى «يوم الأرض»، التي دفع الشعب الفلسطيني فيها المزيد من الشهداء، على طريق التحرر والخلاص من الاحتلال البغيض، تعد نقطة مهمة في التاريخ النضالي الفلسطيني الطويل، الذي ما انفك خلاله الشعب الفلسطيني يقدم الشهيد تلو الآخر، على طريق الحرية التي يعبدها بدماء أبنائه.
أخيراً، لا بد من القول إن فعاليات «يوم الأرض» المستمرة منذ أكثر من أربعين عاماً ونيف، تسقط وإلى الأبد المقولة المزعومة بأن فلسطين «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». كما أنها تثبت من جديد أن الحق لا يمكن التنازل عنه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"