«المهاواة».. أغاني المهد توثق تاريخاً اجتماعياً

مشروع تخرج لأحد فرق العمل
02:14 صباحا
قراءة 3 دقائق
اختار أحد فرق العمل من الطلاب، الذين اقتربوا من الانتهاء من دراسة دبلوماتهم المهنية في معهد الشارقة للتراث، «المهاواة» في التراث الإماراتي مشروعاً لتخرجهم، بعد 35 ساعة قضوها في التعلم على أيدي خبراء ومتخصصين في هذا المجال، التقيناهم وهم يستعدون للانتهاء من مشروع التخرج.
في البداية يتحدث فؤاد القحطاني، رئيس الفريق، عن أهمية التحاقه بمثل هذه الدبلومات، التي ستفيده في حياته العملية وهو العاشق لتراث هذا الوطن. يقول: قررنا أن نعمل كمجموعة لإنجاز هذا المشروع الذي توافقنا في الرأي عليه جميعاً، ولأن موضوع «المهاواة» لم يتطرق إليه الكثيرون، وجدناها فرصة جيدة لكي نقدم الجديد والمتفرد.
يلتقط إبراهيم حسين، أحد أعضاء الفريق، خيط الحديث قائلاً: منذ القدم، استعانت الأم بالغناء والأهازيج، ودندنة القصص المشوقة، لتهدهد طفلها في المهد، ولتكسبه بعفوية مهارات حياتية يحتاج إليها في مستقبله. كما استخدمت الأغاني والترنيمات عندما يصاب الطفل بمرض أو ضيق، لتحويل تركيزه عن الألم والتعب.
يضيف: قسم الباحثون الغناء للأطفال في هذه المرحلة إلى قسمين، هما أغاني المهد، وهو ما يتصل بتنويم الطفل. أما القسم الثاني فيعرف بأغاني الترقيص، وهو ما يتصل بالملاعبة والمداعبة والتدليل؛ ويتشابه هذا النوع لدى معظم شعوب العالم.
وعن طبيعة عمله في مشروع التخرج يقول حسين: اخترت توثيق «المهاواة» عن طريق التسجيل الشفهي، عندما قررت أن التقي إحدى النساء التي تجيد ارتجال هذا الفن، وما زالت ذاكرتها تحتفظ بأغانيه ومفرداته، مشيراً إلى أن ذلك لم يكن بالأمر اليسير، لكنه صادف والدة أحد أصدقائه، والتي رغم كبر سنها، لا تزال ذاكرتها تحتفظ بالكثير من فنون «المهاواة»ا. يقول: جعلت ابنها يسجل معها، ولا أستطيع وصف مدى سعادتي عندما حصلت على التوثيق، فهو في رأيي أغلى من كنوز العالم.
عائشة الحوسني ومنى معتوق ومريم جمعة، يشكلن بقية فريق العمل، كانت مهمتهن العمل على البحث والكتابة، عن طريق المجلدات والمصادر المقروءة والمسموعة. تقول عائشة عن أهمية هذا الفن في التراث الإماراتي: معظم أغاني «المهاواة» تخاطب الطفل بأمور مختلفة، منها تمني نوماً هنيئاً للطفل، بحراسة الله والملائكة والرسل، وإعطاء الوعد بالمكافأة والهدايا للطفل الذي ينام في الوقت المحدد، إضافة إلى إشعاره بالخوف إذا لم ينم، وأيضاً إبداء الإعجاب بالطفل، وتعديد صفاته، وبثه الحب والحنان، والتنبؤ له بمستقبل زاهر.
تضيف: من خلال بحثي في هذا النوع من الأهازيج، علمت أن معظم أغاني «المهاواة» تعبر عن الحالة النفسية للأم، والوضع الاجتماعي والعائلي الذي تعيشه في تلك اللحظة التي تلجأ فيها إلى الترنم بالأغنيات؛ إذ تحمل بعض الأغاني معاني الألم والحزن الذي تعيشه بسبب الصعاب التي تواجهها في الحياة، كما تحمل أخرى شكوى على الزوج والحماة، وتارة تشكو الزمن الجائر الذي لم ينصفها، وربما تتذكر الأب الذي طال غيابه.
بينما تفاجئنا مريم جمعة عندما تذكر بعضاً من الأهازيج التي حفظتها لكثرة اطلاعها على المراجع التراثية القديمة، بصوت هادئ يتلاءم مع موضوع البحث «المهاواة» تقول: أحد أكثر النصوص شيوعاً في الإمارات، هو «هوا هوا يالهادي محمد ساكن الوادي، هوا هوا يا سنادي لا ماي ولا زادي، ومن بين الأغاني هوا هوا يا وليدي، هوا هوا يا كبيدي، أمي أمي في البستان، تقطع خوخ ورمان».
بينما تشير منى معتوق إلى بدء ظهور فن «المهاواة» قائلة: فرضت العادات والتقاليد القديمة على الأم الإماراتية أن يقتصر دورها على الأعمال المنزلية، ومنها تربية الأطفال، من هنا ظهر ما يعرف ب «المهاواة»، وأتذكر تعريف حليمة الملا الإعلامية والباحثة في مجال التراث الإماراتي ل «المهاواة» بأنها «همسة حانية كانت تجود بها الأمهات قديماً مع الرضع تحديداً، ليخلدوا إلى النوم؛ إذ كانت الأم تعطي أهمية بالغة للحفاظ على هدوء الرضع ليتمكنوا من النوم بهدوء تام، حتى تقوم هي بالأعمال المنزلية الملقاة على عاتقها».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"