الأم “مدرسة” في خطر

13:58 مساء
قراءة 15 دقيقة

في ظل تطور تكنولوجي هائل، ومصادر معرفة لا حصر لها يظل دور الأم الأهم في التربية إذا أردنا الحفاظ على هويتنا وإعداد أجيال قادرة على العطاء وتحمل المسؤولية. ومع الاحتفال بعيد الأم تقفز إلى أذهاننا تساؤلات عديدة حول الأمومة، وهل باتت تواجه خطر الانقراض بعدما توزعت اهتمامات ست الحبايب بين البيت والعمل؟ وهل أم زمان أفضل من الآن؟ وماذ تريد الأم في يوم عيدها؟ وماذا تفعل الابنة الأم التي تربت على تقاليد والدتها ومطالبة باتباع أساليب تربوية معاصرة في التعامل مع أولادها؟

المسؤوليات توزعت اليوم بين البيت والوظيفة

الأمومة بين الماضي والحاضر

الأم هي الأم الأمس واليوم وغداً، ستبقى نبع الحنان والعطاء، وإذا اختلفت الأمومة ووسائل التعبير عنها، تبقى المشاعر واحدة، وبين دور الأم اليوم والأمس اختلفت الآراء فالبعض يفضل النموذج القديم ويرى فيه صورة مثالية ست الحبايب والبعض يرى أن في الجيل الجديد من الأمهات ميزات لم تكن موجودة في امهات الأمس.

تحقيق: دعاء فاروق

تقول رشا محمد، أم لطفلة: بعد أن انجبت طفلتي رحمة وجدت نفسي بلا وعي اتبع معها نفس الاسلوب والتصرفات التي كانت أمي تتبعها معي في صغري ولكن لا ادري ما سوف يحدث حين تدخل في سن المراهقة فربما تضطرني الظروف واختلاف المواقف والمشاكل التي يمر بها هذا الجيل الى التصرف بشكل مختلف عن أمي.

وتضيف: هناك اختلافات بين طبيعة دور الأم أمس واليوم فبالأمس كانت كل حياة الأم محصورة في البيت وتربية الأطفال، وكانت الفطرية تغلب العاطفة على العقل كثيراً، أما الأم اليوم فخرجت الى الحياة واصبحت لها تطلعات مختلفة فهي تبحث عن اناقتها ورشاقتها حتى بعد الانجاب عكس أمهات الماضي، فكانت هذه المسائل لا تشغل تفكيرهن لذلك حتى نظرة الطفل الى أمه اختلفت وأصبح يتعامل معها بشكل غير لائق أحياناً، فالأم بالأمس كانت لها هيبة.

وهناك اشياء كانت أمي تفعلها وتحرص عليها احاول الآن أن اطبقها على ابنتي فلقد كانت دائماً تعودني على الاستقلالية والاعتماد على النفس، أما الشيء الذي لم تنتبه له أمي كثيراً واحرص عليه أنا مع ابنتي فهو متابعة طريقة أكلها ونظامها الغذائي فلقد كانت أمي تترك لي حرية الطعام وتناول الحلويات فزاد وزني ومازلت اعاني منه حتى الآن. كما انها لم تهتم بأن أمارس النشاط الرياضي وأنا الآن حريصة على تصحيح ذلك مع ابنتي.

وأوضحت ان الأم اليوم مهمتها اصعب لأن الطفل أصبح اكثر رغبة في المعرفة فلم يعد ذلك الطفل الذي ينصاع للأوامر من دون جدال فالاعلام والتطور التكنولوجي جعل الأطفال فضوليين، ما يجعل الأم في حيرة دائمة ليكون لديها الاستعداد للرد على تساؤلات اولادها.

أما حسناء موافي، أم لطفلة فتقول: الأساس بين الأمهات واحد من حيث العاطفة ولكن الأسلوب التربوي اختلف فالأم في ما مضى كانت تربي بالفطرة أو بالبركة كما يقولون أما الأم اليوم فهي أكثر اطلاعاً ما يمكنها من ان تتابع التطورات النفسية لطفلها وتتجنب أي مؤثرات سلبية على شخصيته، وفي رأيي التربية أيام زمان كانت اسهل لأن الطفل كان عالمه محدوداً والمؤثرات الخارجية عليه كانت اقل أما الآن مثلاً من الممكن أن اخاف من ترك ابنتي لمشاهدة التلفزيون بمفردها.

وتضيف: بالتأكيد خروج المرأة للعمل غير من شخصيتها ولم تعد الأمومة مهمتها الأولى أو شغلها الشاغل كما في الماضي، ولكن تعددت اهتماماتها.

ابراهيم حسن يقول: الأم زمان كانت لبيتها وأولادها فقط والظروف حولها ساعدت على ذلك أما الآن فالمرأة تعمل وهذا جعل لها اهتمامات ذاتية غير بيتها واطفالها وفي الوقت نفسه أصبح دورها كأم أكثر صعوبة لاختلاف الظروف التي تحيط بالطفل لانفتاحه على العالم الخارجي في سن مبكرة بينما بالأمس كان لا يختلط بالعالم الخارجي إلا متأخراً بعد أن يكون قد تأثر بشخصية والديه.

وأضاف: افضل النموذج القديم للأم فأنا حين اعود بالذاكرة اجد أني كنت بالنسبة لأمي اهتمامها الأول والأخير وشغلها الشاغل كان تربيتي ونجاحي الذي كان بالنسبة لها قمة النجاح، في حين أن الأم الآن تبحث عن نجاحها الشخصي ولا تكتفي بنجاحها كأم.

ويقول: افضل نموذج الأم في الماضي لأن الأم في ما سبق كان حبها واهتمامها الوحيد لأولادها.

أما أمل محمد فتقول: أنا أم لولد وبنت اطبق معهما كل ما فعلته امي معي فأنا نموذج آخر من أمي في التصرفات ولكن الأطفال هم الذين اختلفوا عن ما كنا نحن عليه وأصبحت طلباتهم كثيرة في حين كنا نحن نرضى بأي شيء وهذا زاد الحمل على الأم لأنها إذا ما رفضت طلباً لطفلها مطالبة بأن تعطيه سبباً مقنعاً للرفض.

وتضيف: يعجبني في امهات الأمس ما كان لديهن من قوة تحمل ورضا تام بدورهن في الحياة ففي الماضي كنا نرى أماً لديها 10 أولاد وتربيهم بسهولة من دون تذمر في حين نجد الأم الآن لديها طفل واحد وغير قادرة على تربيته.

وتقول مريم عوض: الأم زمان كان كيانها ذائباً في كيان اطفالها فلم يكن لها أي متطلبات سوى تربية أولادها ورؤيتهم وهم يكبرون أمامها أما الآن فالمسألة اختلفت وأصبحت الأم مشغولة عن اطفالها وأحياناً قد تطغى هذه المشاغل على اهتمامها بهم وأصبح عادياً أن تترك الأم الآن أطفالها للمربيات حتى أن الأطفال أصبحوا ينتمون للمربية أكثر من أمهم.

وتضيف: المرأة الآن ليست مشغولة فقط بالعمل ولكن ايضاً بالخروج والشراء والموضة والرشاقة لأني لا أعمل فأنا اقرب الى حد ما من النموذج القديم للأم واتبع مع اطفالي الطريقة القديمة للتربية ولكن مع اتباع اساليب التربية الحديثة ومراعاة متطلبات العصر والظروف.

وتقول سمية السيد: الطريقة المفضلة لدي في التربية هي لغة الحوار واحترام رغبات أولادي مع الحفاظ على العادات والقيم والدين فليس من المستحب ان يكون كل شيء ممنوعاً وبلا مبرر كما كان يتبع معنا من قبل امهاتنا من اسلوب الانصياع للأوامر بلا نقاش لأن هذا هو الأدب والتربية فالطفل يحتاج الى ان يشعر بصداقة أمه حتى يصارحها بكل شيء.

وتضيف: من سلبيات التربية القديمة التي اتجنبها في تربية اولادي اسلوب التفرقة بين الابناء بسبب النوع أو السن ففي الماضي كانت الأم تفرق في المعاملة بين الولد والبنت أو بين الأكبر سناً عن الأصغر وكل هذه اساليب تزرع الغيرة والضغينة بين الأطفال ومرفوضة.

وتتمثل صعوبة دور الأم الآن في التربية في أن الطفل الآن أصبح من الصعب التحايل عليه كما أصبحت تربية الاطفال تستلزم من الأم ان تقترب من عالمهم أكثر وتحاول ان تلحق بهم في كل التطورات وهذا يضاعف من مجهودها حتى لا تحصل بينها وبين اطفالها فجوة.

جاسم خليل ميرزا يقول: لولا أمي لما وصلت الى ما أنا عليه الآن فهي صاحبة الفضل الأول في وصولي بكل نجاح حققته في حياتي، فهي من جيل الأمهات المتفانيات في تربية أولادهن بكل الحب والحرص ورغم انهن غير متعلمات إلا انهن استطعن بفطرتهن توفير كل اجواء الدفء والرعاية وكن يصنعن الرجال.

ويضيف: الآن بعد زيادة تعقيدات الحياة التي انقسمت فيها المرأة وانشغلت بها فهي موظفة ولديها ارتباطاتها الاجتماعية ومتطلبات يفرضها الوضع الحالي وأصبحت تربي الآن من الزمن الصعب ولكن هذا لا يعني أن الأم لا تقوم بدور التربية على العكس فهنا؛ امهات يقمن بدور كبير داخل وخارج البيت وأحياناً يقمن بالدورين معاً دور الأم ودور الأب في غيابه وعدم وجوده داخل البيت فهو دائماً بالخارج، ومشغول بالعمل لتوفير الالتزامات المادية.

ريم سالم قالت: الأم الآن مشاركتها أكبر عن الماضي إذ كان دورها محصوراً داخل البيت أما الآن فهي مطالبة بالعمل خارجه للمشاركة في مصروف البيت، وراتبها أصبح جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه لتوفير احتياجات البيت والاسرة ما جعلها بشكل خارج عن ارادتها اقل تواجداً مع اطفالها وهذا غير أسلوب التربية وجعله مختلفاً ففي الماضي لم تكن الفتاة لديها كل هذه الحرية في الخروج والدخول من المنزل الآن الأمهات يسمحن بذلك تحت فكرة الحرية والتطور والاطفال بشكل عام تتكون شخصيتهم وجزء كبير منها مستمد من التلفزيون.

الجدة لميعة حسن تقول: أمهات هذه الأيام مشغولات بالوظيفة ليس مثل ايامنا كان البيت هو الأول والأخير ولا نضيع دقيقة خارج العناية بشؤون البيت والاطفال، الآن الأم تعمل وتحاول ان تدبر كل شؤون بيتها في الوقت القصير المتبقي لها بعد الوظيفة، لذلك لجأت الى الطعام الجاهز والمربيات.

تعتمد في تربية أولادها على قيم الماضي وتكنولوجيا الحاضر

الابنة الأم حنان حائر بين جيلين

عيد الأم مناسبة التي ينتظرها الجميع والابناء في تجهيز هداياهم إلى ست الحبايب في عيدها وهم يرسمون ابتسامة عرفاناً بجميلها وتقديراً لعطائها الذي لا ينتهي. ويشعر الأبناء بمقدار هذا البذل عندما يتحملون المسؤولية ويلعبون الدور نفسه ولكن بطريقة قد تكون مختلفة، فالابنة لا تشعر بالمسؤولية الكبيرة التي كانت ملقاة على عاتق والدتها إلا إذا تزوجت وأنجبت وأصبحت مسؤولة عن أطفال وزوج.

تحرص الأم الابنة أن توفق بين أعبائها الكثيرة فهي ابنة لأم من جيل سابق وأم لجيل المستقبل وتقف في منتصف الطريق لتوفق بين ما تربت عليه والمتطلبات الجديدة التي فرضتها طبيعة العصر، والسؤال هنا كيف توفق الابنة الأم بين تربيتها القديمة والأساليب الحديثة التي تستوجبها التربية الحديثة؟ الإجابة في هذا التحقيق:

تحقيق: شيرين فاروق

تقول د. زهراء السعدون أستاذة بكلية الهندسة المدنية في جامعة عجمان: طريقة التربية اختلفت كثيراً عن السابق، حيث تربينا، فقديما كانت اغلب الأمهات متفرغات لأولادهن ولم يكن يشغلهن إلا توفير طلبات الأبناء من الألف للياء وتدليلهم إذا لزم الأمر، أما الآن فالوضع اختلف تماما لأن اغلب الأمهات عاملات ويتحملن مسؤولية العمل والبيت والأبناء والأم حالياً أصبحت تواجه الكثير من التحديات، وتضيف: رغم انفصالي عن والدتي بعد الزواج وتكوين أسرة خاصة إلا أنني استشيرها في كل كبيرة وصغيرة وأحاول أن أوفق بين نصائحها القيمة وطبيعة أبنائي خاصة في ظل وجود عوامل أخرى خارجة عن إرادة الأب والأم مثل الانترنت والهاتف النقال والأصدقاء والمطالبة المستمرة منذ سن مبكر بالحرية.

وتشير د. زهراء إلى أن وجود الأسرة الصغيرة بعيداً عن الأسر الممتدة يخلق سلوكيات مختلفة حيث تفاجأ الجدة ببعض الأفعال التي تصدر من أحفادها قد تكون غير متوقعة سواء أكانت هذه الأفعال ايجابية أم سلبية مثل إتقان الأولاد التعامل مع الوسائل الحديثة وتواصلهم بلغاتهم الخاصة التي تتناسب مع أعمارهم خاصة لو كانوا في سن المراهقة.

وحول التشابه أو الثوابت التي تحرص على إيصالها لأولادها تؤكد د. زهراء أن المحافظة على العادات والتقاليد والالتزام بآداب الحديث والحفاظ على الحياة الاجتماعية الحميمية من اولويات التربية التي تسعى إلى بثها في أولادها.وتتفق معها في الرأي حنان كفاوين إعلامية التي تشير إلى حرصها على اصطحاب والدتها معها في الأماكن التي تذهب إليها وتضيف: منذ الصغر عودتني والدتي أن أكون صديقتها وأبوح لها بكل أسراري وأستشيرها في كل صغيرة وكبيرة في حياتي، وهي نفس الطريقة التي احرص على تطبيقها مع أولادي، فمن خلال نصائح والدتي أتقرب منهم وأزيل الفجوة بيننا وأتعرف أكثر الى شخصياتهم، ولا اخفي أنني أتلقى الإرشاد المستمر من والدتي في المواقف المختلفة التي أتعرض لها، وغالبا ما يكون رأيها أكثر حكمة، وعن الأشياء التي تحرص على زرعها في أولادها أسوة بطريقة تربيتها توضح أن الصلاة والذهاب إلى المسجد واللقاءات العائلية من الثوابت التي تحرص على وجودها في البيت ولا تتنازل عنها مهما كلفها الأمر، وترى حنان أنها محظوظة بكون والدتها موجودة باستمرار معها كذلك تتمنى أن يشب أولادها على نفس طريقة تربيتها خاصة مع زيادة الضغوط الحياتية التي تتعرض لها الأم حاليا.

أما منى الحسيني مسؤولة الأنشطة في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا فتقول: بالنسبة لي فانا اربي أولادي بنفس طريقة تربية أمي لي ولأخوتي حيث أحاول نقل خبرتي لهم والمواقف التي أمر بها ولكن مع تغيير بسيط خاصة وان الجيل الحالي كثير الأسئلة قليل الاقتناع ويحتاج إلى جهد كبير لسماع الكلام، وتنوه إلى أن هناك أشياء كثيرة قد تجدها الأم غير منطقية إلا أنها أصبحت من أساسيات الحياة مثل امتلاك هاتف متحرك في سن مبكرة وقد تجده الجدة أمراً غير منطقي وتتذكر منى مواقف أمها معها عبر السنوات حتى بعد استقلالها بحياتها الخاصة، حيث استعانت بها لرعاية أولادها أثناء أدائها فريضة الحج، كذلك تشير إلى حرصها الشديد على تحقيق التواصل بين أمها وأبنائها خاصة في الأعياد والمناسبات وتضيف: تربينا على تقديم طاعة الوالدين وألا ننهرهما مهما كان السبب وهي نفس الطريقة التي ازرعها في أبنائي، كذلك اتبع طريقة خاصة في المعاملة تتسم باحترام الوالدين كما امرنا الله سبحانه وتعالى وبالوالدين إحساناً، واعترف أن والدتي تمتلك خبرة وحكمة أكثر مني وهو ما يجعلني أتواصل معها واعرض عليها المشكلات التي أعاني منها في تربية أبنائي ودائما ما تسدي النصائح الغالية لي، كذلك أنبه أولادي في عيد الأم على تقديم هدية لها.

وتؤكد عائشة الحويدي موجهة خدمة اجتماعية سابقا أن أمهات هذا الجيل يعانين كثيرا في تربية أبنائهن وتضيف: تربيت بطرق مختلفة جدا عن التربية الحديثة التي ينادون بها خاصة وان التطور المتسارع الذي تشهده الدولة ساهم إلى حد كبير في حدوث طفرات متلاحقة في كل شيء ومن ضمنها طريقة التربية التي اختلفت عن السابق حيث أصبحت الأم مطالبة بأشياء كثيرة في البيت وفي العمل، وفي الوقت نفسه لم تعد تمتلك الصبر والاحتمال السابق بسبب ضغوط الحياة، وتنوه الحويدي إلى أن طريقة تربيتها لا تصلح للجيل الحالي والقادم، وحول طريقة العقاب القديمة التي تربى عليها أبناء جيلها وطريقة العقاب الحالي كجزء من التربية المقارنة بين الأجيال تشير الحويدي إلى انه في السابق كان اغلب الآباء يستخدمون العصا للتأديب وعلى النقيض كانت نظرة الأب أو الأم للطفل كفيلة بإيقافه عن أخطائه، أما الآن فالأمر اختلف إذ أصبح الأولاد أكثر مجادلة كما أن العقاب اختلف حيث بات العقاب يعتمد على الحرمان من المصروف أو منع الخروج في نهاية الأسبوع، وتؤكد الحويدي أن الأم أصبحت مطالبة الآن باتباع الأساليب الحديثة إلى جانب زرعها للقيم المثالية في أولادها وهي معادلة صعبة تحتاج إلى مجهود مضاعف، وعن الثوابت التي تحرص على وجودها في خصال أبنائها توضح أنها تتعلق بالانتماء للوطن وللعائلة والحرص على التواصل الاجتماعي.

وتؤكد انه بالرغم من اختلاف الأجيال إلا أنها تحرص على استشارة والدتها في مشكلات كثيرة حيث تجد لديها الحل الذي قد يقدم بطريقة مبسطة، وتتمنى الحويدي أن تستطيع كل أم التواصل مع أبنائها وإيصالهم إلى بر الأمان خاصة في ظل المستجدات التي تظهر كل يوم والتي تحتاج إلى صبر واحتمال وحسن تصرف.

ومن جانبها تدلل هيام عبد الحميد مدرسة على كون الاختلاف بين الأجيال لا ينفي وجود ثوابت لا يمكن الاستغناء عنها وتقول: كوني أماً لسبعة أبناء فغالبا ما احتاج لوجود والدتي بجواري خاصة وأنني لا اطمئن عليهم مع الخادمة، وأحاول قدر الامكان التواصل مع والدتي في تربيتها لأبنائي تربية سليمة خاصة وأنها ترى أن هذا الجيل صعب التعامل معه ويحتاج إلى حزم وشدة في حين أرى أن هذا الحزم يقلب الأمر إلى العكس ويضطر الأبناء إلى هجران البيت واللجوء إلى مكان آخر يجدون فيه ما يحتاجونه، وعلى النقيض لي إحدى صديقاتي التي تعاني من تربية أمها لأولادها بطريقة خاطئة حيث تعتمد على التدليل المستمر لهم فهي عطوفة وحنونة أكثر من اللازم، وهو ما يجعل الأبناء يحتمون تحت جناحها في حالة العقاب ما يضطر الأم أحيانا إلى الانصياع لكلام والدتها احتراما لها، وترجع هيام السبب في اختلاف أسلوب التربية القديمة عن التربية الحديثة إلى عدة عوامل وهي اختلاف الشخصيات والعوامل المحيطة بالأولاد الذين يقضون اغلب الأوقات بعيداً عن أمهاتهم ويعتمدون على أنفسهم أو على الخادمات وهو ما يؤدي إلى التباعد الفكري بين الأم وأبنائها ويساعد على تراجع القيم.

تضحي بعمرها من دون انتظار مقابل

كلمة شكرأفضل هدية لست الحبايب

أنقى وأصفى وأجمل وأرق مشاعر.. مشاعر الأم، فاض قلبها بالحنان جمعت أولادها بحب فأخرجت أجمل ما فيهم.. اليوم تحتفل الدنيا كلها بالأم.. في يوم الاحتفاء بالعطاء الذي لا ينتهي.. هنا تحدثنا مع بعض الأمهات عن أمنياتهن في يوم عيدهن والهدية الأفضل التي تدخل السرور إلى قلوبهن.

تحقيق: جميلة إسماعيل

تقول فاطمة المغني باحثة في تراث الإمارات، ومديرة مركز التنمية الاجتماعية: الأمهات بحاجة الى التقدير المعنوي، والدعم المستمر خصوصا بعدما تحملن مسؤولية الاسرة والعمل في آن واحد. فكانت النتيجة بروز أمهات متميزات في العمل وفي تربية ورعاية الابناء الأسوياء القادرين على مواجهة مخاطر الحياة العصرية بشكل ايجابي.

وتطالب المغني وسائل الاعلام بضرورة توعية الابناء بقيمة ودور الام لحماية الاسرة من الانهيار اضافة الى توعية الفتيات والامهات بأهمية الدور الذي يقمن به في بناء الاسرة وتنمية المجتمع..

وتؤكد أن للأم مكانة مرموقة عبر العصور، مشيرة إلى ما قاله أحد الحكماء من أن تربية الابناء يجب ان تبدأ قبل ولادتهم بعشرين عاما بتربية أمهاتهم..

فاطمة السجواني اختصاصية نفسية في منطقة الشارقة التعليمية قالت: ما تريده الأم في هذا اليوم كل الخير لأبنائها، لا سيما وأنها ربتهم على الفضائل التي نحظى بها من خلال ديننا وشريعتنا الإسلامية لتخريج الجيل الصالح لنفسه ولوطنه ولأسرته.

مشيرة الى اهمية الاقتداء بنهج أمهاتنا اللواتي قدمن نماذج من العطاء في تربية الابناء رغم قسوة الحياة وشظف العيش مبينة اهمية الاستفادة من تجارب الآخرين وخبراتهم سواء من ابناء امتنا او من خلال الامم الاخرى.

كما تطالب السجواني أيضا بضرورة التركيز على القضايا الأساسية التي يعاني منها المجتمع حاليا.. آن الأوان للرجوع الى أي مجتمع الأسرة الواحدة القائمة على التراحم والتماسك والحب والاخلاق.

مؤكدة ضرورة قيام وسائل الاعلام المختلفة بالتركيز على دور الأسرة والمدرسة والمساجد والاصدقاء والحكومة في بناء الانسان الذي يتمتع بالأخلاق والقدرة على تحمل المسؤولية والقيام بواجباته تجاه نفسه ووطنه..

موضحة ان التنشئة الاجتماعية السليمة توجب مشاركة جميع الجهات التي تتعامل مع الفرد منذ طفولته..

فاطمة الشامسي محررة أخبار بفضائية الشارقة تقول: رغم عطاء الأم غير المحدود فهي بحاجة الى الإحساس بدورها لأن الاهمال يخلق لديها نوعاً من التردد.

وتشدد على ضرورة تبني وسائل الإعلام والمدرسة والدوائر الحكومية مسؤولية توعية الأمهات والأبناء بدور كل منهم تجاه الآخر لخلق الاسرة السعيدة التي تساهم في نهضة المجتمع.

و تشير إلى احتواء المجتمع الإماراتي لسيدات مثاليات وعلى مستوى عالٍ من العمل والخبرة المتميزة في تربية الأبناء وفي الابداع في العمل المهني او في القضايا الانسانية والاجتماعية.

وتطالب الشامسي جميع الجهات التي تتعامل مع الاسرة بضرورة تفعيل أدوارها لتوعية واعداد الام بالشكل الصحيح لمعرفة حقوقها وواجباتها..

رنا قباني موظفة بجامعة الشارقة تقول: الذي أريده وأتمناه كأم هو كل السعادة لأبنائي، وأن يلتزموا بالقيم والعادات التي تربوا عليها.. وأن ينهلوا من معين العلم الذي سيوصلهم حتما لأسمى المراتب،ليبقى فخري بهم بعد ذلك بلا حدود..

أما إلهام عبدالعزيز موجهة في وزارة التربية والتعليم فتقول: إننا كأمهات نشعر بفخر واعتزاز بالإنجازات التي تحققت والعطاء الكبير والعناية التي وفرتها الدولة للأم من خلال دخولها وبفاعلية في مختلف مجالات الحياة، فهي الممرضة والطبيبة والمحامية والمهندسة والوزيرة وتدافع عن الوطن وتحمل همومه.

وتضيف: نسعى دائما الى تحقيق الافضل، ويسرنا كثيرا الانجازات التي تحققت للمرأة، ولكن نعتبر ان الانجاز الاكبر هو تخريجها لرجال باتوا قادة.

كما تشير إلى اهمية الموروثات العربية والإماراتية التي تؤكد أن الأم هي التي تربي وليست التي تنجب مشيرة إلى أن هذا يؤكد أهمية دور الأم في رعاية وتنشئة الابناء ولذا يجب علينا الاعتناء بالفتاة منذ الصغر لإعداد أم المستقبل الواعية لواجباتها وحقوقها خصوصا في ظل عصر العولمة وطبيعة الحياة التي نعيشها الآن.

وتؤكد ضرورة ايجاد التوازن بين عمل المرأة وحق المجتمع والأم وكذلك حق الاسرة عليها لتحقيق التكافل الاجتماعي والتراحم بين افراد العائلة الواحدة والمجتمع ككل ولعدم شعور الأم بإهمال الابناء.

هند النابودة اعلامية تقول: إن تكريم الأم لا يأتي في هذا اليوم فقط وإنما في كل الأيام..و هو دافع للعطاء ورمز يمثل بعدا معنويا كبيرا لكي تشعر كل أم بالإنجاز الانساني المميز الذي قامت به.

و تشدد النابودة على أن الأم هي المعلمة الاولى التي تقوم منذ لحظات الميلاد الاولى بتعليم اطفالها ابجديات الحياة والقيم والمهارات والاعتماد على النفس وهي التي تعزز السلوك التأملي لأطفالها وتساعدهم على اكتشاف مواهبهم وقدراتهم الذاتية في تحمل المسؤولية وفي حل مشاكلهم لتهيئتهم للتعامل مع ضغوط الحياة وفي مواجهة المواقف اليومية. وتضيف: الأم بحاجة الى الترميم والاهتمام خصوصا بعدما قامت بعض وسائل الاعلام والحركات النسائية بتشويه دور الأم الحقيقي واظهرتها بالسطحية والجري وراء الموضة.

الإعلامية عايدة طاهر تقول: اجمل احساس في الكون هو احساس الامومة وفي يوم الأم نحن نقدم قلوبنا وحبنا لامهاتنا الفضليات اللائي ضحين دائما من اجل ابنائهن.. ففي كل بيت هناك قصة بطولة ووفاء وحب بطلتها سيدة فاضلة تربي ابناءها بحب وعطاء لاينتهيان.. ففي يوم الام نوجه تحية لكل ام فهي الرمز والامل والحب في حياتنا جميعا.

وتضيف: أود التنويه بنقطة مهمة هي أنه في يوم الأم.. يتجمع الأبناء - كبارا وصغارا - في بيت العائلة لتقديم الهدايا، وإشاعة جو من البهجة والامتنان للأمهات والجدات، أو الخالات والعمات اللائي لم ينجبن وينتظرن هذا اليوم ليشعرن أنهن (أمهات)، لكن تبقى بعض الأمهات اللائي أنجبن بالفعل منسيات في دار المسنين أو حتى داخل بيوتهن.. فهلا اهتممنا بهؤلاء؟

د. علياء السيد أستاذ مساعد التاريخ القديم في كلية التربية للبنات بالمملكة العربية السعودية سابقا تقول: الأم هي أعز مخلوق على الإطلاق.. والمصدر الأول لتكوين القيم في نفوس الأبناء، وهي نصف المجتمع وتقدم للمجتمع النصف الآخر، ولاشك أن الآونة الأخيرة شهدت العديد من المتغيرات التي أثرت في الأم ودورها التقليدي في الماضي.. وشهدت الآونة الأخيرة وبخاصة في دولة الإمارات تفعيل دور المرأة في كافة المجالات العلمية والعملية والاجتماعية، وأصبحت الأم تواجه العديد من المسؤوليات داخل وخارج المنزل، ولهذا ففي يوم الأم ربما يكون أهم ما يمكن أن نقدمه لها في ظل الأعباء التي أصبحت تقوم بها هي أن تتعاون الدولة معها من أجل تحقيق معادلة التوازن بين دورها كأم ودورها كعاملة.. فلا شك أن التقصير في دورها كأم ليس في مصلحة المجتمع ككل.

وتضيف: على الدولة أن تدرس إمكانية منح الأم عند الولادة إجازة لتتفرغ لرعاية الطفل الرضيع، وتفعيل القرار الوزاري بإنشاء حضانات في المؤسسات التي تضم موظفات أمهات،على أن تكون حضانات مؤهلة وتقدم كوادر متخصصة حتى تشعر الأم بالاطمئنان على أبنائها أثناء العمل.

وأكبر هدية تقدم للأم في يومها توعية الأب بأهمية دورها بعدما تنازل عن مهامه الأبوية، لذا فيجب أن يدرك الأب أن أعظم ما يقدمه لأبنائه هو حبه لأمهم ودعمه لها.. وأن عملية التربية لن تستقيم من دون أب يشارك الأم خاصة في ظل ما طرأ على المجتمع من متغيرات ساهمت في إيجاد أجيال تحتاج إلى مجهود مشترك لإعدادها وتربيتها.

كما يجب علينا تذكر الأمهات اللاتي يعشن بلا عائل سواء للطلاق أو وفاة الزوج.. فعلى كل مؤسسات الدولة دعم هذه الأم ليس على المستوى المادي فقط بل على كل المستويات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"